بعمد غير مرئية الخ » . بمعنى : إنّ للسموات عمداً ، ولكن لا ترونها . فما هذه الأعمدة التي يثبتها القرآن للسموات ، ولا نراها ؟ . فإذا كانت الجاذبية العامة ، والقوة المركزية الطاردة ، عمد تمسك السموات ، فتكون الآية ناظرة إلى تلكما القوتين المتعاندتين ، وإنّما جاء القرآن بتعبير عام حتى يفهمه الإنسان في القرون الغابرة والحاضرة ، ولو أتى بما اكتشفه العلم الحديث ، لَرُمِيَ القرآن قبل الإكتشاف ، بالخطأ والزلل .
أضف إلى ذلك ما رواه الصدوق ، عن أبيه ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، قال : قلت له : « أخبرني عن قول الله تعالى : ( . . . رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ) » . فقال : « سبحان الله ، أليس يقول : ( بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ) ؟ » فقلت :
« بلى » . فقال : « ثَمَّ عَمَد ، ولكن لا تُرى » (١) .
وروي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال : « هذه النجوم التي في السماء مدائن ، مثل المدائن التي في الأرض ، مربوطة كل مدينة إلى عمود من نور » . وفي بعض النسخ : « عمودين من نور » (٢) .
وعلى كل تقدير فقد اختار القرآن في إفهام هذا الناموس تعبيراً صادقاً في جميع الأدوار ، مفهماً أنّ هذه المُعَلَّقات في الفضاء ، تحملها أعمدة غير مرئية ، ممسكة لها .
* * *
إنّ في القرآن الكريم آيات صريحة ناطقة بكروية الأرض ، يعرفها من أمعن
__________________
(١) البرهان ، ج ٢٢ ، ص ٢٧٨ .
(٢) سفينة البحار ، مادة نجم ، ج ٢ ، ص ٥٧٤ . وراجع مجمع البحرين ، مادة « كوكب » ، ولعلّ المراد من عمودين ، القوّتان الساريتان في الكون ، الجاذبة والطاردة .