البواطن ، وليس هناك ظَنٍّ وحسبان ، بل كلُّ ما هنالك إذعان ويقين ، يقول سبحانه : ( لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) (١) .
وثانياً : فإنّ الآية تبحث عن الجبال الموجودة ، مع أنّ يوم القيامة يوم تبدّل النظام وتغيّره ، يقول سبحانه : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ) (٢) .
ويقول سبحانه : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ ، فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا ) (٣) .
ويقول سبحانه : ( وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ) (٤) .
ويقول سبحانه : ( وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ ) (٥) .
فالكل يدلّ على زوال النظام بما فيه الجبال ، فكيف تكون الآية ناظرة إلى يوم القيامة ؟ .
وثالثاً : إنّ قوله سبحانه في ذيل الآية : ( صُنْعَ اللَّـهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) ، دليل على أنّه لا صلة للآية بالقيامة ، إذ الصنع يناسب حياتنا الدنيوية ، وأمّا يوم القيامة ، فهو يوم إبادة نظام الحياة ، فالجبال تتلاشى وتتمزق ، فلا يناسبه التركيز على إتقان الصنع .
ورابعاً : فإنّ قوله في ذيل الآية : ( إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ) ، صريح في أنّ الآية راجعةٌ إلى الحياة الدنيوية ، ولو كانت ناظرة إلى يوم القيامة ، لكان المناسب أن يقول : « خبير بما فعلتم » .
__________________
(١) سورة ق : الآية ٢٢ .
(٢) سورة إبراهيم : الآية ٤٨ .
(٣) سورة طه : الآيتان ١٠٥ و ١٠٦ .
(٤) سورة التكوير : الآية ٣ .
(٥) سورة القارعة : الآية ٥ .