عليها . فعندئذٍ تجتمع عليها الثلوج ثم تذوب في الفصول الحارّة ، وتجري المياه الذائبة على وجه الأرض بهدوء وسكون ، لتتشكل بعدها الأنهار والجداول ، ويرتوي منها الإنسان ، ويروي دوابَّه ومزارعه ، ولولا الجبال لانجذبت المياه إلى باطن الأرض ، ولما استفاد منها الإنسان إلّا بالمكائن والأدوات الصناعية المعقّدة ، وربما لا تكون الآبار مفيدة ولا تسدُّ حاجة المزارع وعموم الناس من الماء .
هذا بعض ما يرجع إلى فوائد الجبال التي يذكرها القرآن الكريم ، ألمعنا إليها بصورة مبسطة . وأساتذة الفيزياء ، والتضاريس الأرضية ، يفسّرون كون الجبال أوتاداً للأرض بشكل علمي خاص ، لا يقف عليه إلّا المتخصص في تلك العلوم ، والمطّلع على قواعدها ، ولأجل ذلك اكتفينا بما ذكرنا (١) .
* * *
وفي الختام نؤكّد ما سبق في صدر البحث من أنّ القرآن ليس كتاباً يعالج قضايا العلوم الطبيعية والرياضية والهندسية ، وإنّما يتعرض لبعض القوانين السائدة على الكون لأجل الإهتداء بها إلى المعارف والأُصول العقلية ، كالتعرف على الله وصفاته وأفعاله ، وعلى ذلك فلا يصحّ لنا الإكثار من هذا النوع من الإعجاز ، وتطبيق الآيات على القوانين الكونية ، حتى وإن لم يكن ظاهراً فيها . فما يُرى من الإسراف في بعض التفاسير في هذا المجال ، ليس بِمَرْضيٍّ عند من يقف في تفسير القرآن الكريم على باب النصّ من نفس الكتاب ، على اختلاف وجوهه وأقسامه ، أو الأثر المأثور من صاحب الشريعة وآله ، صلوات الله عليه وعليهم أجمعين .
* * *
__________________
(١) ومن أراد التفصيل فليرجع إلى تفسير الأستاذ ـ دام ظلّه ـ على سورة الرعد : « القرآن وأسرار الخلقة » . وهو فارسي ، لم يترجم بعد .