وفي الثاني : تقضى ، لأنّ الاعتبار بالشهادة إذا عدّلا بحال إقامتها لا بحال التعديل ، فإذا عدّلا يوم الحادي والثلاثين وكانت الشهادة يوم الثلاثين حكمنا بأنّ الفطر كان حين الشهادة فيكون فطرهم بالأمس ، ويكون فعلها قضاء (١).
مسألة ٤٦٦ : ويستحب إذا مشى في طريق أن يرجع في غيرها ـ وبه قال مالك والشافعي وأحمد (٢) ـ لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فعله (٣) ، إمّا قصدا لسلوك الأبعد في الذهاب ليكثر ثوابه بكثرة خطواته إلى الصلاة ، ويعود في الأقرب ، لأنّه أسهل وهو راجع إلى منزله ، أو ليشهد له الطريقان ، أو ليساوي بين أهل الطريقين من الضعفاء في التبرّك بمروره وسرورهم برؤيته ، وينتفعون بمسألته ، أو ليتصدّق على أهل الطريقين من الضعفاء ، أو ليتبرّك الطريقان بوطئه عليهما ، فينبغي الاقتداء به ، لاحتمال بقاء المعنى الذي فعله من أجله.
ولأنّه قد يفعل الشيء لمعنى ويبقى في حقّ غيره سنّة مع زوال المعنى كالرمل (٤) والاضطباع (٥) في طواف القدوم ، فعله هو وأصحابه (٦) لإظهار الجلد
__________________
(١) راجع بشأن الفروع المذكورة من قوله : ولو شهدا يوم الحادي والثلاثين ، إلى آخره : الخلاف ١ : ٦٧٢ ـ ٦٧٣ ، المسألة ٤٤٧.
(٢) المدونة الكبرى ١ : ١٦٨ ، بداية المجتهد ١ : ٢٢٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٢٦ ، المجموع ٥ : ١٢ ، الوجيز ١ : ٧٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦ ، المغني ٢ : ٢٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٣٥.
(٣) صحيح البخاري ٢ : ٢٩ ، سنن الترمذي ٢ : ٤٢٤ ـ ٥٤١ ، سنن أبي داود ١ : ٣٠٠ ـ ١١٥٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤١٢ ـ ١٢٩٨ ـ ١٣٠١ ، المستدرك للحاكم ١ : ٢٩٦.
(٤) الرمل ، بالتحريك : إسراع المشي مع تقارب الخطإ. انظر : النهاية لابن الأثير ٢ : ٢٦٥ ، مجمع البحرين ٥ : ٣٨٥ « رمل ».
(٥) الاضطباع : هو أن يأخذ الإزار فيجعل وسطه تحت إبطه الأيمن ويلقي طرفيه على كتفه الأيسر من جهتي صدره وظهره. النهاية لابن الأثير ٣ : ٧٣ « ضبع ».
(٦) راجع : سنن أبي داود ٢ : ١٧٧ ـ ١٨٨٣ و ١٨٨٤ ، وسنن ابن ماجة ٢ : ٩٨٣ ـ ٩٨٤ ـ ٢٩٥٠ و ٢٩٥١ و ٢٩٥٤ ، وسنن البيهقي ٥ : ٧٩.