خطبتين (١).
ولأنهما أقيمتا مقام ركعتين ، فالإخلال بإحداهما إخلال بركعة.
وقال مالك والأوزاعي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر وأحمد في رواية ، وأصحاب الرأي : تجزئه خطبة واحدة (٢) ، لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كتب إلى مصعب بن عمير : ( أن أجمع من قبلك وذكّرهم بالله وازدلف إليه بركعتين ) (٣).
وخطب عثمان في أول جمعة ، فقال : الحمد الله ، ثم ارتج عليه ، فقال : إنكم إلى إمام فعّال أحوج منكم إلى إمام قوّال ، وإنّ أبا بكر وعمر كانا يرتادان لهذا المقام مقالا ، وستأتيكم الخطب من بعد ، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ، ونزل فصلّى (٤).
وتذكير الله يحتمل بالخطبتين كما يحتمل بالخطبة ، فيبقى دليلنا سالما.
وفعل عثمان ليس حجّة ، ولحصول العذر بتعذّر الخطبة ، فلا يلزم الترخّص مع زواله.
مسألة ٤٠٦ : ويجب في كلّ خطبة منهما حمد الله تعالى ، ويتعيّن « الحمد لله » عند علمائنا أجمع ـ وبه قال الشافعي وأحمد (٥) ـ لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، داوم على ذلك.
__________________
(١) انظر على سبيل المثال : الجعفريات : ٤٣ ، صحيح البخاري ٢ : ١٢ و ١٤.
(٢) بداية المجتهد ١ : ١٦٠ ـ ١٦١ ، المغني ٢ : ١٥١ ، الشرح الكبير ٢ : ١٨١ ، الانصاف ٢ : ٣٨٦ ، عمدة القارئ ٦ : ٢٢٩ ، المجموع ٤ : ٥١٤.
(٣) أورده في المعتبر : ٢٠٣.
(٤) المبسوط للسرخسي ٢ : ٣٠ ـ ٣١ ، شرح فتح القدير ٢ : ٣٠ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٦٢.
(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١١٨ ، المجموع ٤ : ٥١٩ ، الوجيز ١ : ٦٣ ، فتح العزيز ٤ : ٥٧٦ ، السراج الوهاج : ٨٧ ، المغني ٢ : ١٥٢ ، الشرح الكبير ٢ : ١٨٢.