وهذا قول أكثر العلماء ، وهو قول الشافعي في القديم (١) ، لقوله عليهالسلام : ( فإن استووا في الهجرة ، فأقدمهم سنّا ) (٢).
وقال في الجديد : إذا تساووا في الفقه والشرف ، قدّم الأسنّ ، فإن تساووا ، قدّم الأقدم هجرة (٣) ، لقوله عليهالسلام ، لمالك بن الحويرث : ( إذا حضرت الصلاة فليؤذّن لكم أحدكم وليؤمّكم أكبركم ) (٤).
وقد بيّنا أنّه حكاية حال.
مسألة ٥٨٥ : إذا تساووا في ذلك ، قال الشيخان : يقدّم الأصبح وجها (٥). ورواه المرتضى رواية (٦).
ونقله بعض الشافعية عن بعض المتقدّمين ، ثم اختلف الشافعية في تفسيره ، فقال بعضهم : أراد أحسنهم صورة ، لأنّ ذلك فضيلة كالنسب.
وقال آخرون : إنّما أراد بذلك أحسنهم ذكرا بين الناس (٧). والأخير أحسن.
إذا ثبت هذا ، فإن تساووا في ذلك كلّه ، قدّم أشرفهم ، أي : أعلاهم نسبا ، وأفضلهم في نفسه ، وأعلاهم قدرا ، فإن استووا في هذه الخصال ، قدّم أتقاهم وأورعهم ، لأنه أشرف في الدين وأفضل وأقرب إلى الإجابة ، لقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( من أمّ قوما وفيهم من هو أعلم منه لم يزل أمرهم
__________________
(١) المغني والشرح الكبير ٢ : ٢٠ ، معالم السنن للخطابي ١ : ٣٠٤ ، المجموع ٤ : ٢٨٣ ، فتح العزيز ٤ : ٣٣٤.
(٢) سنن الترمذي ١ : ٤٥٩ ـ ٢٣٥ ، سنن أبي داود ١ : ١٥٩ ـ ٥٨٢.
(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٠٥ ، المجموع ٤ : ٢٨٣ ، فتح العزيز ٤ : ٣٣٤.
(٤) صحيح البخاري ١ : ١٧٥ ، صحيح مسلم ١ : ٤٦٥ ـ ٦٧٤.
(٥) المبسوط للطوسي ١ : ١٥٧ ، وحكاه عنهما أيضا المحقق في المعتبر : ٢٤٤.
(٦) جمل العلم والعمل ضمن رسائل الشريف المرتضى ٣ : ٤٠ ، ونقله عن مصباحه المحقق في المعتبر : ٢٤٤.
(٧) المهذب للشيرازي ١ : ١٠٦ ، المجموع ٤ : ٢٨٣ ، فتح العزيز ٤ : ٣٣٥ ، حلية العلماء ٢ : ١٧٨.