الإمام تتضمن افتتانا عليه ، وتفويتا له الجمعة ولمن يصلّي معه ، ويفضي إلى أنه متى شاء أربعون أن يفسدوا صلاة أهل البلد أمكنهم ذلك بأن يجتمعوا في موضع ويسبقوا أهل البلد بفعلها (١).
ولا يرد علينا ، لأنّ إمام الأصل لا يتقدّم عليه أحد غيره ، وإن كان نائبه ، اشترط فيه العدالة ، فلا يتأتّى فيه طلب إبطال جمعة غيره.
ولو كانت المسبوقة في الجامع ، والأخرى في مكان صغير لا يسع المصلّين ، أو لا تمكنهم الصلاة فيه ، لاختصاص السلطان وجنده به ، أو غير ذلك ، أو كانت إحداهما في قصبة (٢) البلد ، والأخرى في أقصاه ، بطلت المسبوقة خاصة عند علمائنا ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ لما تقدّم.
وقال مالك وأحمد : المسبوقة صحيحة خاصة ، لأنّهم أهل القصبة ، ولهذه المعاني مزية تقتضي التقدّم فقدّم بها كجمعة الإمام (٤).
ونمنع الأصل.
ب : أن تقترنا ، فإنّهما تبطلان معا ، سواء كان الإمام الراتب في إحداهما أولا ـ وهو أحد قولي الشافعي (٥) ـ لامتناع صحتهما معا ، واختصاص إحداهما بالفساد ، إذ المقتضي للفساد المقارنة وهي ثابتة فيهما معا. ولعدم الأولوية ، كما في الولّيين إذا زوّجا من كفوين دفعة.
ثم إن كان الوقت باقيا ، وجب عليهم إقامة الجمعة ، لأنّهم لم يؤدّوا
__________________
(١) الام ١ : ١٩٢ ـ ١٩٣ ، المجموع ٤ : ٥٨٧ ـ ٥٨٨ ، الوجيز ١ : ٦١ ، فتح العزيز ٤ : ٥٠٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٢٥ ، حلية العلماء ٢ : ٢٥٢.
(٢) قصبة البلد : مدينته. وقصبة القرية : وسطها. لسان العرب ١ : ٦٧٦ ـ ٦٧٧.
(٣) انظر : المجموع ٤ : ٥٨٧.
(٤) المغني ٢ : ١٨٧ ـ ١٨٨ ، الشرح الكبير ٢ : ١٩١.
(٥) المجموع ٤ : ٥٨٨ ـ ٥٨٩ ، الوجيز ١ : ٦١ ، فتح العزيز ٤ : ٥٠٥ و ٥٠٩ ـ ٥١٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٢٥ ، السراج الوهاج : ٨٦.