______________________________________________________
وظاهره تسليم كون التقليد لغة هو العمل إلا أنه يجب حمله اصطلاحاً على مجرد الالتزام فراراً عن الإشكالين المذكورين في عبارته. لكن يدفعهما أن دليل حجية الفتوى يقتضي كونها بمنزلة العلم وهي سابقة على العمل ، وكافية في حصول نية القربة. [ ودعوى ] : أن حجية الفتوى مشروطة بالالتزام بالعمل ، كما يظهر منه [ قده ] في شرح قولهم ـ في تعريف التقليد ـ : من غير حجة [ يدفعها ] : أنها خلاف ظاهر أدلة الحجية ، بل خلاف المقطوع به من بعضها ، كما لا يخفى. هذا مضافاً إلى النظر والاشكال في مقدمات الإشكالين المذكورين ، كما يظهر ذلك بالتأمل.
وأما التعبير بالأخذ في كلام الجماعة ـ كما سبق ـ فالظاهر أن المراد منه العمل ، كما في كثير من المقامات ، مثل الأخذ بما وافق الكتاب ، والأخذ بما خالف العامة ، والأخذ بقول أعدلهما ، ومن أخذ بالشبهات وقع في المحرمات .... إلى غير ذلك مما هو كثير. ولعله المراد أيضاً من القبول المذكور في كلام بعضهم. مع أن عدم إرادته منه لا يهم بعد ما عرفت من كون مقتضى الأدلة جواز العمل بالفتوى بلا توسيط الالتزام ، فلا يكون دخيلا في حصول الأمن من الضرر ، ولا واجباً تخييرياً بالوجوب الفطري والعقلي المتقدمين آنفاً.
فالمتحصل إذاً : أن التقليد عبارة عن العمل اعتماداً على رأى الغير ، وهو المناسب جداً لمعناه اللغوي ـ كما تقدم من الفصول ـ ويعبر عنه في العرفيات بقوله : إني أعمل كذا ويكون ذلك في رقبتك ـ مخاطباً من يشير عليه بالفعل ـ والالتزام أجنبي عنه.
هذا كله مع اتحاد المجتهد ، أما مع تعدده : فاما أن يتفقوا في الفتوى أو يختلفوا فيها. فان اتفقوا فالظاهر أنه لا دليل على تعيين واحد منهم ، فيجوز تقليد جميعهم كما يجوز تقليد بعضهم. وأدلة حجية الفتوى ـ كأدلة