______________________________________________________
حجية الخبر ـ إنما تدل على حجية الفتوى بنحو صرف الوجود الصادق على القليل والكثير ، فكما أنه لو تعدد الخبر الدال على حكم معين يكون الجميع حجة على ذلك الحكم كما يكون البعض كذلك ولا تختص الحجية بواحد منها معين أو مردد ، كذلك لو تعددت الفتوى. ويشير إلى ذلك آيتا النفر (١) والسؤال (٢) ـ بناء على ظهورهما في التقليد ـ ورواية ابن مهزيار الواردة في حكم الإتمام بمكة (٣) ، ورواية صاحب السابري الواردة في من أوصى أن يحج عنه بمال لا يفي بالحج (٤) ، وخبر حمران بن أعين ، ومرفوع إبراهيم بن هاشم الواردان في أكثر النفاس (٥) ، وغير ذلك.
ومنه يظهر ضعف أخذ التعيين للمجتهد في مفهوم التقليد. إلا أن يكون المراد به ما يقابل الترديد ، فإنه حينئذ لا بأس به ، إذ الفرد المردد ليس له خارجية كي يصلح أن يكون موضوعاً للحجية أو غيرها من الأحكام.
وإن اختلف المجتهدون في الفتوى ، فلما امتنع أن يكون الجميع حجة للتكاذب الموجب للتناقض ، ولا واحد معين ، لأنه بلا مرجح ، ولا التساقط والرجوع إلى غير الفتوى ، لأنه خلاف الإجماع والسيرة ، تعين أن يكون الحجة هو ما يختاره ، فيجب عليه الاختيار مقدمة لتحصيل الحجة ، وليس
__________________
(١) وهي قوله تعالى ( وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) التوبة : ١٢٢.
(٢) وهي قوله تعالى ( وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلاّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) النحل : ٤٣ ، الأنبياء : ٧.
(٣) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب صلاة المسافر حديث : ٤.
(٤) الوسائل باب : ٣٧ من كتاب الوصايا حديث : ٢ وسيأتي ذكر الرواية مفصلا في الجزء العاشر في المسألة التاسعة من فصل الوصية بالحج.
(٥) الوسائل باب : ٣ من أبواب النفاس حديث : ١١ ، ٧.