______________________________________________________
ذلك لكان من الاستدلال المبني على الاحتمال. انتهى. [ أقول ] : بل هو من الاستدلال بخلاف الظاهر.
وأما ندرة الشكل المدور في الماء فغير ظاهرة. ولا سيما بملاحظة أن المدور مقتضى طبع الماء فتأمل. مع أن تساوي خطوط السطح لا تختص بالمربع بل تكون في المسدس ، والمثمن ، وغيرهما من الاشكال. فالحمل على المربع بخصوصه غير ظاهر ، ولا قرينة عليه. ومقتضى إطلاق الكلام الحمل على المدور ، فإنه الذي تستوي فيه الخطوط من جميع النقاط ، بخلاف غيره من المضلعات ، فان الخطوط فيه لا تستوي إذ هي بين الزوايا أطول منها بين الأضلاع. فإطلاق الاقتصار على بيان بعد واحد يقتضي الحمل على الأول. مع أن المدور ليس له ـ عرفا ـ إلا بعد واحد ، لأن تمايز أبعاده بمجرد الفرض العقلي بخلاف المضلع ، فان تمايز أضلاعه يستوجب تمايز ابعاده ، سواء أتساوت ـ كالمربع والمسدس ونحوهما ـ أم اختلفت كالمستطيل. وهذه جهة أخرى تستوجب حمل الكلام على المدور دون غيره من الاشكال. [ وبالجملة ] : تساوي الخطوط في المدور من جميع النقاط مع كونه عرفا له بعد واحد يستوجبان حمل الكلام غير المتعرض إلا لبعد واحد عليه دون غيره لفقد كل من الأمرين المذكورين فيه ، كما لعله ظاهر بالتأمل.
وأما ما ذكره في الجواهر ، من أن الحمل على المدور حمل على ما لا يعرفه إلا الخواص من علماء الهيئة ، فيمتنع. ففيه : أنه إنما يتم لو كان المقصود بيان نتيجة ضرب الابعاد بعضها ببعض ، لكنه غير ظاهر ، بل المراد ذكر علامة على الكر ، وهي أن يكون قطره ثلاثة ونصفا وعمقه كذلك ، وهو شيء يعرفه أجهل العوام. ولو كان المراد بيان حاصل ضرب الابعاد كان المناسب ـ بل المتعين ـ أن يقول (ع) : « ثلاثة وأربعون شبراً إلا ثمن شبر » فإنه أصرح ، وأخصر ، وأفيد.