______________________________________________________
وفي مثله يجب البناء على التخيير بعد قيام الإجماع على عدم وجوب الاحتياط على العامي ، حتى أحوط القولين المتعين في نظر العقل ـ لو لا الإجماع المذكور ـ للعلم الإجمالي بثبوت الحجة بينهما ، المستوجب لوجوب موافقتهما عقلا ، والعمل بأحوطهما موافقة لهما معا. لكن الإجماع على عدم وجوب الاحتياط مطلقاً على العامي يستوجب الحكم بالتخيير.
نعم البناء على ذلك موقوف على عدم جريان الأصول الشرعية ، وإلا كان عليها المعول فنقول : أما من حيث العمل وصحته فقد عرفت أنه إذا كانت فتوى الميت الرخصة ، كما لو أفتى بعدم وجوب الكفارة للوطء في الحيض ، وكانت فتوى الحي وجوبها لا مانع من جريان استصحاب الحكم الظاهري لعدم المعارض. فنقول هنا : أنه لا مانع من العدول إلى فتوى الحي من حيث العمل ، لموافقتها للاحتياط. أما إذا كانت فتوى الميت حكماً اقتضائياً ـ كالوجوب والحرمة ـ فلا مجال للاستصحاب التعليقي وان البقاء لا بأس به. أما جواز العدول فمقتضى الإجماع على التخيير في تعيين الحجة عند احتمال التعيين في كل واحد من محتملي الحجية ، لما عرفت أنه كما يحتمل حجية رأى الميت يحتمل حجية رأي الحي كما يحتمل التخيير بينهما أيضاً ، فله اختيار البقاء وله اختيار العدول.
هذا كله من حيث العمل. وأما من حيث جواز الالتزام والاعتقاد القلبي ، ومن حيث جواز النقل والاخبار عن الحكم الواقعي ، ـ اللذين هما من آثار العلم المترتبين على الطرق الشرعية بمقتضى دلالة أدلتها على تنزيلها بمنزلة العلم ، فحيث أن هذا التنزيل أيضاً من الأحكام الشرعية يجري فيه ما تقدم في الأحكام الاقتضائية التي تتضمنها فتوى الميت ، ويجري الأصل فيه على نحو جريانه في تلك الأحكام. ولأجل السقوط بالمعارضة يرجع إلى التخيير المستفاد من الإجماع عليه ، عند تردد الحجة تعييناً بين فردين حسبما