______________________________________________________
فالظاهر أنه لا إشكال في بناء العقلاء على تعين الرجوع إلى الأعلم ، فيجب العدول إلى الحي إن كان أعلم ، كما يجب البقاء إن كان الميت أعلم. بلا فرق بين ما علم وعمل وبين غيره ، لعدم الفرق في بناء العقلاء المذكور. ولا مجال حينئذ للرجوع إلى الأصول شرعية أو عقلية ، نعم لو كان الرجوع إلى الأعلم من جهة الحكم العقلي بالتعيين عند الدوران بينه وبين التخيير كان الأصل الشرعي وارداً عليه ، فيتعين الرجوع إلى الأصل المتقدم. لكن الظاهر استقرار بناء العقلاء على تعين الرجوع إلى الأعلم ، فيتعين العمل به.
هذا ولو بني على جواز البقاء على تقليد الميت فهل يجوز العدول ـ كما هو ظاهر المتن والمنسوب إلى بعضهم ـ أولا؟ ـ كما نسب إلى أكثر القائلين بجواز البقاء ـ وجهان.
أما وجه الأول : فهو استصحاب التخيير الثابت قبل الرجوع إلى الميت. وفيه : أن مرجع التخيير الثابت سابقا إلى أنه لو اختار أي واحد منهما كان رأيه حجة عليه ، فيقال : كان لو اختار الحي الذي يقع الكلام في جواز العدول إليه لكان رأيه حجة. وهو من الاستصحاب التعليقي المعارض باستصحاب عدم الحجية الثابت قبل الاختيار.
وأما وجه الثاني : فهو إما الإجماع على عدم جواز العدول الثابت قبل الوفاة وبعد الوفاة ، أو الثابت قبل الوفاة فيستصحب المنع إلى ما بعد الوفاة. أو أصالة الاحتياط ، لكون المورد من قبيل الدوران بين التعيين والتخيير. وفيه : أن عموم معقد الإجماع إلى ما بعد الوفاة ممنوع ، بل ثبوت الإجماع على المنع حال الحياة عن العدول تعبداً غير ظاهر كي يجري استصحابه.
وأما أصالة الاحتياط عند الدوران بين التعيين والتخيير فلا مجال لها ، إذ كما يحتمل وجوب البقاء على تقليد الميت يحتمل وجوب العدول عنه إلى الحي ، فاحتمال التعيين موجود في كل من الطرفين كما يحتمل التخيير أيضا ،