مقبلا على الدنيا وطالبا لها مكبا عليها مجداً في تحصيلها ، ففي الخبر : « من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه ».
______________________________________________________
ـ في الجملة ـ إلى الاجتهاد. ومستند هذا الاجتهاد بناء العقلاء عليه مع الغفلة عن احتمال الردع أو القطع بعدمه ولو بالإضافة إلى شخص معين بخصوصه ، لاجتماع جميع ما يحتمل اعتباره شرعا فيه ، مثل كونه بالغاً ، عاقلا ، عادلا ، حياً ، أفضل ... الى غير ذلك. فهذا البناء المرتكز في نفس العامي هو المسوغ له الرجوع الى غيره في الخصوصيات المعتبرة في المفتي ، فإذا رجع الى غيره أفتى له بما يقتضيه نظره الحاصل له من مراجعة الأدلة المستفاد منها شرائط التقليد ، ويكون عمله حينئذ على ما تقتضيه فتواه عموماً أو خصوصاً. وهذا ولأجل أن من أدلة جواز التقليد بناء العقلاء عليه في الجملة ، فهذا البناء محكم مهما تحقق في مورد من الموارد والعمل عليه متعين ، إلا مع ثبوت الردع عنه.
وحينئذ نقول : لا ينبغي التأمل في عدم الفرق في بناء العقلاء بين البالغ وغيره إذا كان غير البالغ قد حاز مراتب الفضل حتى صار كالبالغ ، فاعتبار البلوغ في المفتي لا بد أن يكون بدليل شرعي يكون رادعاً عن إطلاق بناء العقلاء ، وليس هو إلا الإجماع إن تمَّ. ومجرد كونه محجوراً عن التصرف ومرفوعا عنه القلم ، ومولى عليه وعمده خطأ ، ونحو ذلك. لا يصلح رادعاً لأنه لا يوجب إلا الاستبعاد المحض كيف؟! وربما كان غير البالغ حائزاً مرتبة النبوة أو الإمامة ، فكيف لا يصلح أن يجوز منصب الفتوى؟! اللهم إلا أن يقوم الدليل على كون منصب الفتوى مختصاً بالمعصوم وبمن يجعله له ، فالشك في الجعل كاف في المنع. لكنه خلاف إطلاق الأدلة ، ولا سيما بناء العقلاء.