______________________________________________________
وأما اعتبار العقل : فأمره ظاهر عند العقلاء ، فضلا عن المتشرعة ، فقد قيل : إنه مما أجمع عليه الخلف والسلف. نعم المجنون الأدواري في حال إفاقته لا مانع عند العقلاء من الرجوع اليه ، وحكي القول به عن بعض متأخري المتأخرين كصاحبي المفاتيح والإشارات ، ولا بأس به إن لم ينعقد الإجماع على خلافه. لعموم الأدلة أيضاً.
وأما اعتبار الايمان : فغير ظاهر عند العقلاء. نعم حكي عليه إجماع السلف الصالح والخلف. وهو العمدة فيه ، دون مثل قول أبي الحسن (ع) فيما كتبه لعلي بن سويد : « لا تأخذن معالم دينك عن غير شيعتنا ، فإنك إن تعديتهم أخذت دينك عن الخائنين الذين خانوا الله ورسوله (ص) وخانوا أماناتهم ، إنهم ائتمنوا على كتاب الله فحرفوه وبدلوه ... » (١) وقول أبي الحسن الثالث (ع) فيما كتبه لأحمد بن حاتم بن ماهويه وأخيه : « فاصمدا في دينكما على كل مسنّ في حبنا ، وكل كثير القدم في أمرنا ، فإنهما كافوكما إن شاء الله ». (٢) إذ الظاهر من الأول كون المانع عدم الايتمان لا مجرد اعتقاد الخلاف. مع أن منصرفه القضاة الذين كانوا يعتمدون على القياس ونحوه من الحجج الظنية في مقابل فتوى المعصومين (ع) وليس مثلهم محل الكلام. والثاني محمول على الاستحباب للإجماع القطعي على خلاف ظاهره.
وأما اعتبار العدالة : فهو كسابقه عند العقلاء. لكنه المعروف بين الأصحاب بل هو إجماع كما قيل. وهو العمدة ـ لو تمَّ ـ دون مثل آية النبإ إذ هي في الخبر لا في الفتوى. مع أن مقتضى الجمع بينها وبين ما دل على اعتبار الوثوق وكفايته في حجية الخبر ، حمل التبين فيها على الوثوق. وكذا
__________________
(١) الوسائل باب : ١١ من أبواب صفات القاضي حديث : ٤٣.
(٢) الوسائل باب : ١١ من أبواب صفات القاضي حديث : ٤٦.