______________________________________________________
نفس سببية الغليان للنجاسة ، فهو من الاستصحاب التنجيزي. وتوقفت صحته على كون السببية من المجعولات الشرعية المتأصلة ذوات الآثار ، مثل الطهارة ، والنجاسة ، والملكية ، ونحوها. ولكنه خلاف التحقيق ، كما حرر في محله. وكذا الكلام لو كان مرجعه الى استصحاب الملازمة ، فإنه من الاستصحاب التنجيزي أيضاً ، كما أن الملازمة غير مجعولة شرعا ، وإنما هي منتزعة من جعل الحكم الشرعي على تقدير وجود الشرط.
وان كان مرجعه الى استصحاب نفس الحكم الشرعي ، المعلق على الغليان ـ كما هو الظاهر ـ فان قلنا بأن المنوط به الحكم وجود الشرط خارجا ، فلا حكم قبل وجوده ، فلا مجال للاستصحاب ، لعدم اليقين بالمستصحب ، بل المتيقن عدمه. أما إذا كان الحكم منوطا بوجود الشرط اللحاظي ـ كما هو التحقيق ـ لئلا يلزم التفكيك بين الجعل والمجعول ، الذي هو أوضح فساداً من التفكيك بين العلة والمعلول ، لأن الجعل عين المجعول حقيقة ، وانما يختلف معه اعتبارا فيلزم من وجود الجعل بدون المجعول التناقض ، واجتماع الوجود والعدم ، فعليه لا مانع من الاستصحاب ، لليقين بثبوت الحكم ، والشك في ارتفاعه ، وكون المجعول حكما منوطا بشيء لا يقدح في جواز استصحابه بعد ما كان حكما شرعياً ومجعولا مولويا ، وان كان منوطا.
نعم استشكل فيه بعض الأعاظم من مشايخنا : بأن الشرط المنوط به الحكم ـ كالغليان في المثال المذكور ـ راجع في الحقيقة إلى قيد الموضوع ، ومرجع قولنا : « العنب إذا غلى ينجس » الى قولنا : « العنب الغالي ينجس » فاذا وجد العنب ، ولم يغل فلا وجود للحكم لانتفاء موضوعه بانتفاء قيده فلا مجال لاستصحابه. نعم يمكن فرض قضية تعليقية ـ حينئذ ـ فيقال : « العنب لو انضم اليه قيده ـ وهو الغليان ـ تنجس » لكن ذلك ـ مع أنه لازم عقلي ـ مقطوع البقاء ، في كل مركب وجد أحد جزئية ، لا أنه مشكوك