______________________________________________________
كي يجري فيه الاستصحاب.
وقد يشكل ما ذكره. بأن إرجاع القضايا الشرطية إلى القضايا الحملية ، للبرهان القائم على أن موضوعات الاحكام علل تامة لها ـ لو تمَّ في نفسه ـ لا يتضح ارتباطه بما نحن فيه ، ضرورة أن المدار في صحة جريان الاستصحاب على المفاهيم التي هي مفاد القضايا الشرعية ، سواء أكانت نفس الأمر الواقعي ، أم لازمه ، أم ملازمه ، أم ملزومه ، ولذلك يختلف الحال في جريان الاستصحاب وعدمه ، باختلاف ذلك الأمر المتحصل. مثلا : لو كان الدليل قد تضمن أنه إذا وجد شهر رمضان وجب الصوم ، جرى استصحاب رمضان عند الشك في هلال شوال ، وكفى في وجوب الصوم يوم الشك. ولو كان الدليل تضمن وجوب الصوم في رمضان ، لم يجد استصحاب شهر رمضان في وجوب صوم يوم الشك ، لأنه لا يثبت كون الزمان المعين من شهر رمضان ، فهذا المقدار من الاختلاف في مفهوم الدليل كاف في تحقق الفرق في جريان الاستصحاب وعدمه ، مع أنه ـ في لب الواقع ونفس الأمر ـ لا بد أن يرجع المفاد الأول الى الثاني لأنه مع وجود شهر رمضان لا يكون الصوم في غيره ، ولا بد أن يكون فيه. وكذلك مثل : « إذا وجد كر في الحوض » و: « إذا كان ما في الحوض كراً » فإن الأول راجع الى الثاني ، ومع ذلك يختلف الحكم في جريان الاستصحاب باختلاف كون أحدهما مفاد الدليل دون الآخر. فالمدار في صحة الاستصحاب على ما هو مفاد القضية الشرعية ، سواء اكان هو الموافق للقضية النفس الأمرية أم اللازم لها أم الملازم.
نعم لو كان المراد من الإرجاع إلى القضية الحملية ، كون المراد من القضية الشرطية هو القضية الحملية ـ مجازاً أو كناية ـ على نحو لا يكون المراد من الكلام إلا مفاد القضية الحملية ، كان لما ذكر وجه. لكن هذا خلاف