______________________________________________________
وجب العمل بالشهادة. سواء اكان هناك اختلاف بين الشاهدين في بعض الخصوصيات الخارجية الزائدة على ما به الاتفاق بينهما أم لا. فاذا اتفقا على وقوع قطرة من الدم في الإناء ، واختلفا في كون ذلك الدم أسود أو أصفر أو أنه كان من الرعاف أو من الأسنان. أو في الليل كان وقوعه أو في النهار ، أو في غير ذلك من الخصوصيات. لم يضر هذا الاختلاف في وجوب العمل على ما به الاتفاق ، لكون القضية الخارجية الواقعية ـ أعنى ملاقاة الماء للدم ـ تحكيها كل من شهادة الشاهدين ، فتكون مؤدى البينة التي هي حجة.
وأما إذا كان الوقع الذي يحكيه أحدهما ويشهد به غير ما كان يحكيه الآخر ويشهد به ، فلم يكن الواقع محكيا بالبينة ، بل كان واقعان ، أحدهما يشهد به أحد الشاهدين ، وثانيهما يشهد به الشاهد الآخر ، فلا يجوز العمل بالشهادتين حينئذ ، لعدم قيام البينة على شيء. ومجرد جواز انتزاع أمر واحد من ذينك الواقعين المحكيين غير كاف في تحقق البينة على شيء ، لأن ذلك الأمر الانتزاعي ليس مشهودا به ، ولا مخبرا عنه. فلو شهد أحدهما بوقوع قطرة من رعافه في إناء ، وشهد الآخر بوقوع قطرة من رعاف نفسه أيضاً في ذلك الإناء لا يحكم بنجاسة الإناء ، لعدم حكاية الشهادتين عن أمر واحد ، إذ شخص النجاسة الذي يشهد به أحدهما غير الشخص الذي يشهد به الآخر ، والقضية الواقعية التي تحكيها إحدى الشهادتين غير القضية التي تحكيها الشهادة الأخرى ، والأمر الانتزاعي من القضيتين الخارجيتين غير مشهود به. فالشهادات المختلفة [ تارة ] : تنحل إلى قضيتين إحداهما متفق عليها بين الشهود ، وتحكيها الشهادتان جميعاً ، وثانيتهما مختلف فيها [ واخرى ] : لا تنحل إلى ذلك ، بل ليس المحكي بها إلا قضية واحدة وقع الاختلاف فيها فأحد الشاهدين يشهد بواقع لها ، والآخر يشهد بواقع آخر ، وكل واحد