أحدهما : إن هذا الشيء لاقى البول ، وقال الآخر : إنه لاقى الدم ، فيحكم بنجاسته. لكن لا تثبت النجاسة البولية ولا الدمية ، بل القدر المشترك بينهما. لكن هذا إذا لم ينف كل منهما قول الآخر [١] بأن اتفقا على أصل النجاسة. وأما إذا نفاه ـ كما إذا قال أحدهما انه لاقى البول ، وقال الآخر : لا بل لاقى الدم ـ ففي الحكم بالنجاسة إشكال.
______________________________________________________
من الواقعين ليس موردا لشهادتين ، بل هو مورد لشهادة واحدة لا غير. ومن ذلك تعرف تعين التفصيل في الفرض المذكور ، وانه إن كان الاختلاف على النحو الأول حكم بالنجاسة ، وإن كان على النحو الثاني لا يحكم بها.
[١] قد عرفت المعيار في القبول وعدمه ، ولا دخل للنفي وعدمه فيه نعم إذا كان الاختلاف على النحو الأول فلا بد أن يكون كل من الشاهدين نافيا لما يشهد به الآخر ، لأن الواقعة الواحدة لا تقبل اجتماع الخصوصيتين المتنافيتين ، فاذا شهدا بوقوع قطرة من دم زيد في الإناء ، واختلفا في أنها غليظة أو رقيقة ، فالشهادة بالأول شهادة بنفي الثاني بالالتزام ، كما أن الشهادة بالثاني كذلك. فنفي الأول [ تارة ] : يكون مصرحا به ، بأن يقول أحدهما : القطرة ليست غليظة بل رقيقة [ وأخرى ] : يكون مدلولا عليه بالالتزام لا غير ، فان لازم كونها غليظة أنها ليست رقيقة. وأما إذا كان الاختلاف على النحو الثاني ، فقد يكون أحدهما نافيا لقول الآخر بأن يحصل لأحد الشاهدين من باب الإنفاق العلم بخطإ صاحبه ، وقد لا يحصل بأن يحتمل صدقه وكذبه.
ومن ذلك يظهر أن قول المصنف [ ره ] : « هذا إذا لم ينف ... » قرينة على كون الاختلاف المفروض في هذه المسألة ما هو من النحو الثاني