______________________________________________________
« قلت لأبي عبد الله (ع) : بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم؟ فقال (ع) : أن تعرفوه بالستر والعفاف ، وكف البطن والفرج واليد واللسان ، ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله تعالى عليها النار من شرب الخمر والزنا والربا وعقوق الوالدين والفرار من الزحف وغير ذلك. والدلالة على ذلك كله أن يكون ساتراً لجميع عيوبه حتى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه ... » (١). وتقريب الاستدلال به : أن ظاهر السؤال فيه وان كان السؤال عن الطريق إلى العدالة بعد معرفة مفهومها ، لكن يتعين حمله على السؤال عن مفهومها بقرينة ما في الجواب ، فان الستر والعفاف المذكورين فيه من سنخ الملكات ، وكف البطن وما بعده من سنخ الافعال ، فلو كان ذلك طريقاً إلى العدالة لزم كونها أمراً آخر وراء ما ذكر ، وهو مما لم يقل به أحد ، ولا يمكن الالتزام به ، فيتعين لذلك حمل السؤال على السؤال عن مفهومها ، لجهل السائل به الموجب للجهل بوجودها. ويشهد لذلك أيضاً قوله (ع) : « والدلالة على ... » فإنه كالصريح في كونه وارداً لبيان الطريق. فان كان المراد منه بيان الطريق إلى العدالة ، فحمل الأول على بيان الطريق أيضاً يلزم منه أن يكون المقصود جعل طريقين إلى العدالة ، ولأجل أن الأول أخص يكون لغواً. وان كان المراد منه الطريق إلى الأول فيكون طريقاً الى الطريق فهو ـ مع بعده في نفسه ـ ينافيه قوله (ع) بعده : « ويجب عليهم تزكيته وإظهار عدالته » فإنه ظاهر في كونه طريقاً إلى العدالة لا طريقا الى الطريق إليها. ويناسب ما ذكرنا جداً اختلاف التعبير ، فإنه عبر في الصدر بالمعرفة المشاكلة للتعبير في السؤال وفي الذيل بالدلالة المخالفة له ، فيدل ذلك كله على أن المعرفة في السؤال وفي الصدر بمعنى معرفة المفهوم ، وان الدلالة في الذيل بمعنى معرفة وجود
__________________
(١) الوسائل باب : ٤١ من كتاب الشهادات حديث : ١.