الربيبة تحل اذا لم يدخل بأمها. قال المبرد : واللاتي دخلتم بهن نعت للنساء اللواتي هن أمهات الربائب لا غير ، والدليل على ذلك إجماع الناس على أن الربيبة تحل إذا لم يدخل بأمها ، ومن أجاز أن يكون قوله : (مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَ) ، هو لأمهات نسائكم فيكون المعنى : وأمهات نسائكم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ، ويخرج أن يكون اللاتي دخلتم بهن لأمهات الربائب. قال الزجاج : والدليل على صحة ذلك : ان الخبرين إذا اختلفا لم يكن نعتهما واحدا ، لا يجيز النحويون مررت بنسائك ، وهربت من نساء زيد الظريفات ، على أن تكون الظريفات نعتا لهؤلاء النساء وهؤلاء النساء. واختلف في معنى الدخول على قولين (أحدهما) ان المراد به الجماع (والآخر) انه الجماع وما يجري مجراه من المسيس والتجريد (فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَ) يعني بأم الربيبة (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) أي لا اثم عليكم في نكاح بناتهن إذا طلقتموهن أو متن (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) أي وحرّم عليكم نكاح أزواج أبنائكم (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) أي وحرّم عليكم الجمع بين الأختين (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) معناه : لكن ما قد سلف لا يؤاخذكم الله به ، وليس المراد به أن ما قد سلف حال النهي يجوز استدامته بلا خلاف ، والمراد : لا يؤاخذكم الله بحكم ما قد سلف من هذه الأنكحة قبل نزول التحريم قوله : (إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً) يغفر الذنوب (رَحِيماً) يرحم العباد المؤمنين.
٢٤ ـ (وَالْمُحْصَناتُ) أي وحرمت عليكم اللاتي أحصن (مِنَ النِّساءِ) المراد به ذوات الأزواج (إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) من سبي من كان لها زوج (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ) يعني كتب الله تحريم ما حرم ، وتحليل ما حلل عليكم كتابا فلا تخالفوه وتمسكوا به ، وقوله : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ) معناه أحل لكم ما وراء ذات المحارم من أقاربكم (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) أي متزوجين غير زانين (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) المراد به نكاح المتعة ، وهو النكاح المنعقد بمهر معين ، إلى أجل معلوم (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) قال السدي : معناه : لا جناح عليكم فيما تراضيتم به من إستئناف عقد آخر بعد انقضاء مدة الأجل المضروب في عقد المتعة (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً) بما يصلح أمر الخلق (حَكِيماً) فيما فرض لهم.
٢٥ ـ ثم بيّن تعالى نكاح الإماء فقال : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً) أي لم يجد منكم غنى (أَنْ يَنْكِحَ) أي يتزوج (الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ) أي الحرائر المؤمنات أي لا يقدر على شيء مما يصلح لنكاح الحرائر من المهر والنفقة (فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أي فلينكح مما ملكت ايمانكم (مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) أي امائكم فإن مهور الإماء أقل ، ومؤنتهن أخف في العادة (وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ) أراد بهذا بيان انه لم يؤخذ علينا إلا بأن نأخذ بالظاهر في هذا الحكم ، إذ لا سبيل لنا إلى الوقوف على حقيقة الإيمان ، والله هو المنفرد بعلم ذلك ولا يطلع عليه غيره (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) المراد به : كلكم ولد آدم فلا تستنكفوا من نكاح الإماء فإنهن من جنسكم كالحرائر (فَانْكِحُوهُنَ) يعني الفتيات المؤمنات ، أي تزوجوهن (بِإِذْنِ أَهْلِهِنَ) أي بأمر سادتهن ومواليهن (وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) أي أعطوا مالكهن مهورهن (بِالْمَعْرُوفِ) أي بما لا ينكر في الشرع ، وهو ما تراضى عليه الأهلون ووقع عليه العقد (مُحْصَناتٍ) أي عفائف ، يريد تزوجوهن عفائف (غَيْرَ مُسافِحاتٍ) أي غير زوان (وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ) أي اخلاء في السر ، لأن الرجل منهم كان