فقال عمرو بن سعيد : اكتب ما شئت وائتني به حتّى أختمه. فكتب عبد الله الكتاب : بسم الله الرحمنِ الرحيم ، من عمرو بن سعيد إلى الحسين بن علي ، أمّا بعد ؛ فإني أسأل الله أن يصرفك عمّا يوبقك! وأن يهديك لما يرشدك! بلغني أنّك قد توجّهت إلى العراق ، وإني أعيذك من الشقاق ، فإنّي أخاف عليك فيه الهلاك! وقد بعثت إليك عبد الله بن جعفر ويحيى بن سعيد ، فأقبل إليّ معهما ، فإنّ لك عندي الأمان والصلة والبرّ وحسن الجوار ، لك الله بذلك شهيد وكفيل ، ومراع ووكيل ، والسلام عليك.
ثمّ أتى به إلى عمرو بن سعيد فختمه ، وكان يحيى بن سعيد قد عاد فرجع مع ابن جعفر حتّى لحقا بالإمام عليهالسلام فناوله يحيى الكتاب ، فلمّا قرأه كتب إليه جوابه : أمّا بعد ، فإنّه لم يشاقق الله ورسوله من (دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)(١) وقد دعوت إلى الأمان والبرّ والصلة ، فخير الأمان أمان الله! ولن يؤمّن الله يوم القيامة من لم يخفه في الدنيا ، فنسأل الله مخافة في الدنيا توجب لنا أمانه يوم القيامة! فإن كنت نويت بالكتاب صلتي وبرّي فجزيت خيرا في الدنيا والآخرة! والسلام.
وكان ممّا اعتذر به إليهما أن قال لهما : إنّي رأيت رؤيا فيها رسول الله صلىاللهعليهوآله وامرت فيها بأمر أنا ماض له ، كان لي أو عليّ! فقالا له : فما تلك الرؤيا؟ قال : ما حدّثت بها أحدا ، وما أنا محدّث بها حتّى ألقى ربّي!
فانصرفا إلى عمرو الأشدق وقالا له : أقرأناه الكتاب وجهدنا به ، فأبى ، وحدّثاه بما أخبرهم من رؤياه لجدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله وأمره له بأمر هو يمضي له سواء كان له أو عليه ، وأنّه لم يحدّثهم برؤياه أكثر من هذا (٢) وأعان عبد الله
__________________
(١) فصّلت : ٣٣.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٣٨٨ عن أبي مخنف ، والإرشاد ٢ : ٦٨ ـ ٦٩.