ثمّ سرّحه الإمام مع مسلم بن عقيل إلى الكوفة ، ثمّ حمل كتاب مسلم إلى الإمام من بطن الخبيت ، وحمل جواب الإمام إليه ، ثمّ دخل معه الكوفة دار المختار ، ثمّ نفتقده في الكوفة حتّى نجده مرّة أخرى مع الإمام في منزل الحاجر من بطن الرمّة ، وهو مفترق طرق المدينة إلى الكوفة والبصرة ، فهنا كتب إلى أهل الكوفة :
بسم الله الرحمنِ الرحيم ، من الحسين بن علي ، إلى إخوانه من المؤمنين والمسلمين ، سلام عليكم ، فإنّي أحمد إليكم الله الذي لا إله إلّا هو. أما بعد ؛ فإنّ كتاب مسلم بن عقيل جاءني يخبرني فيه بحسن رأيكم ، واجتماع ملئكم على نصرنا والطلب بحقّنا ، فسألت الله أن يحسن لنا الصنع ، وأن يثيبكم على ذلك أعظم الأجر.
وقد شخصت إليكم من مكّة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية.
فإذا قدم عليكم رسولي [الصيداوي] فأكمشوا أمركم وجدّوا ، فإنّي قادم عليكم في أيّامي هذه إن شاء الله ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (١).
وكان إقبال الإمام عليهالسلام من مكّة إلى الكوفة قد بلغ إلى ابن زياد ، وكان صاحب شرطته الحصين بن تميم التميمي فأمره أن يرحل بخيله إلى القادسية في ثغر العراق فينظمّ الخيل بينها إلى القطقطانة وإلى خفّان وإلى لعلع (٢).
فلما انتهى قيس بن مسهر الأسدي إلى القادسية أخذه الحصين التميمي فبعث به إلى ابن زياد ، فأمره أن يصعد القصر فيسبّ الإمام عليهالسلام بلقب الكذّاب ابن الكذّاب ، فتظاهر بالقبول ، فأصعدوه وأشرفوا به على الناس ، فناداهم : أيّها
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٣٩٤ عن أبي مخنف ، والإرشاد ٢ : ٧٠.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٣٩٤ عن أبي مخنف ، والإرشاد ٢ : ٦٩.