فقال الإمام عليهالسلام : أما والله إني لأرجو أن يكون ما أراد الله بنا خيرا ، ظفرنا أم قتلنا! ثمّ سألهم : أخبروني خبر الناس وراءكم؟
وكأنّ العائذي كان أكبرهم فتقدّم وقال له : أمّا الأشراف فقد أعظمت رشوتهم وملئت غرائرهم (أحمالهم) يستمال ودّهم ويستخلص به نصيحتهم ، فهم ألبّ واحد عليك! وأمّا سائر الناس بعد فإنّ أفئدتهم تهوى إليك و (لكن) سيوفهم غدا مشهورة عليك!
وكأنّه عليهالسلام عرف فيهم عمر بن خالد الصيداوي فقال لهم : أخبروني هل لكم (علم) برسولي إليكم؟ قالوا : من هو؟ قال : قيس بن مسهر الصيداوي. قالوا : نعم ، أخذه الحصين بن تميم فبعث به إلى ابن زياد ، فأمره ابن زياد أن يلعنك ويلعن أباك! فصلّى عليك وعلى أبيك ، ولعن ابن زياد وأباه! وأخبرهم بقدومك ودعا إلى نصرتك فأمر به ابن زياد فألقي من أعلى القصر!
فلم يملك الإمام عليهالسلام دمعه ثمّ تلا : (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)(١) اللهمّ اجعل لنا ولهم الجنة نزلا ، واجمع بيننا وبينهم في مستقرّ رحمتك ورغائب مذخور ثوابك.
ثمّ تقدّم الطرمّاح الطائي إلى الإمام وقال له : والله إني لأنظر فما أرى معك أحدا ، ولو لم يقاتلك إلّا هؤلاء الذين أراهم ملازميك لكان كفى بهم. وقبل خروجي من الكوفة بيوم رأيت ظهر الكوفة وفيه من الناس ما لم تر عيناي جمعا أكثر منه في صعيد واحد ، فسألت عنهم فقيل لي : جمعوا ليعرضوا ثمّ يسرّحون إلى الحسين! فانشدك أن لا تقدم عليهم شبرا. وإن أردت أن تنزل بلدا يمنعك الله به حتى ترى رأيك ويستبين لك ما أنت صانع ، فسر حتّى أنزلك في منعة من جبلنا أجا!
__________________
(١) الأحزاب : ٢٣.