سعد! ولا نتحقّق كيف التحق أخوه عمرو بالإمام عليهالسلام. وعزم الإمام على أن يلقى ابن سعد عسى ولعلّه يسعده بإنقاذه له ، فدعا عمرو بن قرظة وأمره أن يلقى ابن سعد فيقول له عن الإمام عليهالسلام : أن القني الليل بين عسكري وعسكرك. فلقيه وعاد بقبوله.
فلمّا كان الليل بعد العشاء خرج ابن سعد في نحو من عشرين فارسا ، وأقبل الإمام عليهالسلام في مثل ذلك ، فلمّا التقوا أمر الحسين عليهالسلام أصحابه أن يتنحّوا عنه ، وأمر عمر أصحابه بمثل ذلك. ثمّ طال كلامهما حتّى ذهب هزيع منه ، ثمّ افترقا ، من غير أن يكون أصحابهما سمعوا من ذلك شيئا ولا علموه (١).
وعاد ابن سعد ، وكان يأمل في إطفاء النائرة ، فأساء الاستفادة من جهل الناس بما دار بينه وبين الحسين عليهالسلام ، وذلك بالافتراء على الإمام فيما كتب به إلى ابن زياد قال : أمّا بعد ، فإنّ الله قد أطفأ النائرة وجمع الكلمة وأصلح أمر الأمة : هذا حسين قد أعطاني :
ـ أن يرجع إلى المكان الذي منه أتى.
ـ أو أن نسيّره إلى أيّ ثغر من ثغور المسلمين شئنا ، فيكون رجلا من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم.
ـ أو أن يأتي يزيد أمير المؤمنين (!) فيضع يده في يده ، فيرى رأيه فيما بينه وبينه! وفي هذا لكم رضا وللأمّة صلاح!
وأشاع هذا فتحدّث الناس أن الحسين عليهالسلام قال لابن سعد : اختاروا منّي خصالا ثلاثا :
ـ إمّا أن أرجع إلى المكان الذي أقبلت منه.
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٤١٣ ، عن أبي مخنف ، والإرشاد ٢ : ٨٧.