«اللهمّ أنت ثقتي في كلّ كرب ، ورجائي في كلّ شدّة ، وأنت لي في كلّ أمر نزل بي ثقة وعدّة ، كم من أمر يضعف فيه الفؤاد وتقلّ فيه الحيلة ، ويخذل فيه الصديق ويشمت فيه العدو ، أنزلته بك وشكوته إليك ، رغبة منّي عن من سواك ، ففرّجته وكشفته ، فأنت وليّ كلّ نعمة وصاحب كلّ حسنة ومنتهى كلّ رغبة» (١).
وأمر الإمام عليهالسلام أن يضرموا النار في الحطب في الخندق خلفهم فأضرموها ، وبادر شمر الكلابي وهو كامل الأداة يركض فرسه حتّى دنا من معسكر الإمام فإذا هو لا يرى إلّا حطبا تلتهب فيه النار ، فرجع ونادى بأعلى صوته : يا حسين! استعجلت النار في الدنيا قبل يوم القيامة!
فقال الحسين عليهالسلام لأصحابه : كأنّه شمر بن ذي الجوشن! فقالوا : نعم ، أصلحك الله ، هو هو.
فأجابه الإمام : يابن راعية المعزى! أنت أولى بها صليّا!
فقال مسلم بن عوسجة : يابن رسول الله ، جعلت فداك ، ألا أرميه بسهم فإنّه قد أمكنني والفاسق من أعظم الجبّارين! فقال له الحسين عليهالسلام : لا ترمه ؛ فإنّي أكره أن أبدأهم (٢).
وكان الحسين عليهالسلام بعد أن صلّى بأصحابه صلاة الغداة (الفجر) ومعه اثنان وثلاثون فارسا وأربعون راجلا ، فأعطى رايته أخاه العباس ، وجعل على ميمنته زهير بن القين البجلي ، وعلى ميسرته حبيب بن مظاهر الأسدي (٣).
__________________
(١) الإرشاد ٢ : ٩٦ ، والطبري ٥ : ٤٢٣ عن أبي مخنف عن أبي خالد الكابلي أو الكاهلي وهو من أصحاب السجّاد عليهالسلام.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٤٢٣ عن أبي مخنف ، والإرشاد ٢ : ٩٦.
(٣) تاريخ الطبري ٥ : ٤٢٢ عن أبي مخنف.