الحسين : اصبر حبيبي فإنّك لا تمسي حتّى يسقيك رسول الله بكأسه (١) فجعل يكرّ كرة بعد كرّة حتّى رمي بسهم وقع في حلقه فخرقه (٢).
وبصر به مرّة بن منقذ بن النعمان العبدي ، وكان صاحب راية عبد القيس في صفّين مع عليّ عليهالسلام (٣) فقال لمن حوله : عليّ آثام العرب إن مرّ بي هذا يفعل مثل ما يفعل إن لم أثكله أباه! فمرّ يشدّ على الناس بسيفه ، فاعترضه مرّة بن منقذ العبدي فطعنه فصرع (٤) ، وأخذ يتقلّب في دمه ، ثمّ نادى : يا أبتاه! عليك السلام ، هذا جدّي رسول الله يقرئك السلام ويقول : عجّل القدوم إلينا (٥) واحتواه الناس فقطّعوه بأسيافهم! حتّى شهق شهقة وفارق الدنيا.
فجاء الحسين عليهالسلام حتى وقف عليه فقال : قتل الله قوما قتلوك يا بنيّ! ما أجرأهم على الرحمان وعلى انتهاك حرمة الرسول؟ وانهملت عيناه بالدموع ثمّ قال : على الدنيا بعدك العفاء!
وخرجت زينب أخت الحسين مسرعة تنادي : يا اخيّاه! وابن اخيّاه! وجاءت حتّى أكبّت عليه! فأخذ الحسين بيدها فردّها إلى الفسطاط ، وعاد إلى ابنه وسارع إليه فتيانه فقال لهم : احملوا أخاكم! فحملوه من مصرعه حتى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه (٦)!
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٧٧ وليس فيه الأوفى ، والأوفى مؤنث لا يوصف به الكأس المذكّر ، كما في إبصار العين للسماوي : ٥٣ ، وأقدم ما فيه الأوفى : الفتوح لابن الأعثم ٥ : ١٣١ وعنه في مقتل الخوارزمي ٢ : ٣٠.
(٢) المصدر السابق.
(٣) تاريخ الطبري ٤ : ٥٢٢.
(٤) تاريخ الطبري ٥ : ٤٤٦ عن أبي مخنف ، والإرشاد ٢ : ١٠٦.
(٥) مقاتل الطالبيين : ٧٧ عن ابن عقدة الزيدي.
(٦) تاريخ الطبري ٥ : ٤٤٦ عن أبي مخنف ، والإرشاد ٢ : ١٠٦.