وقال : خذيها واحتفظي بها. فأخذتها فإذا هي شبه تراب أحمر! فوضعتها في قارورة وشددت رأسها واحتفظت بها.
فلمّا خرج الحسين من مكّة متوجّها نحو العراق كنت اخرج القارورة في كلّ يوم وليلة وأنظر إليها وأشمّها ثمّ أبكي لمصابه! فلمّا كان اليوم العاشر من المحرّم أخرجتها أوّل النهار فكانت بحالها ، ثمّ عدت إليها آخر النهار فإذا هي دم عبيط! فصحت وبكيت.
قالت : (ولكنّي) كتمت غيظي مخافة أن يسمع أعداؤهم بالمدينة فيسرعوا بالشماتة! ولم أزل حافظة للوقت حتّى جاء الناعي ينعاه ، فحقّق ما رأيت (١).
قال : ولمّا أنفذ ابن زياد برأس الحسين عليهالسلام إلى يزيد دعا عبد الملك بن أبي الحديث السلمي (٢).
وفي الطبري عن الكلبي : عبد الملك بن أبي الحارث السّلمي ، وأعطاه دنانير وقال له : انطلق ولا تعتلّ ولا يسبقك الخبر ، وإن قامت بك راحلتك فاشتر راحلة ، حتّى تقدم المدينة على أميرها عمرو بن سعيد بن العاص فتبشّره بقتل الحسين (٣)!
قال عبد الملك : فركبت راحلتي وسرت حتّى دخلت المدينة ، فلقيني قرشيّ فسألني ما الخبر؟ فقلت له : تسمعه عند الأمير! فاسترجع وقال : قتل والله الحسين! ودخلت على عمرو بن سعيد فقال لي : ما وراءك؟ قلت له : ما يسرّ الأمير : قتل الحسين بن عليّ! فقال : فاخرج فناد بقتله! فخرجت فناديت بقتله!
__________________
(١) الإرشاد ٢ : ١٣٠ ، وعليه فالصياح والبكاء السابق كان خاصّا ولم يكن عامّا. وكان وفاة امّ سلمة في (٦٣ ه).
(٢) الإرشاد ٢ : ١٢٣.
(٣) تاريخ الطبري ٥ : ٤٦٤ عن الكلبي عن عوانة.