وفي موضع الجرف التقى بالحسين عليهالسلام ومعه عبد الله بن عباس ، فقال معاوية : مرحبا بابن بنت رسول الله ، وابن صنو أبيه. ثمّ انحرف إلى الناس وقال : هذان شيخا بني عبد مناف! وأقبل عليهما فرحّب وقرّب يواجههما ويضاحكهما ويلقاه المشاة وفيهم النساء والصبيان يسلّمون عليه ويسايرونه حتى نزل. فانصرفا عنه.
وزار عائشة واستأذن عليها فأذنت له وحده وعندها مولاها ذكوان ، فقالت له : يا معاوية : أكنت تأمن أن أقعد لك رجلا يفتك بك كما قتلت أخي محمد بن أبي بكر؟! قال : ما كنت لتفعلي ذلك فأنا في بيت أمن بيت رسول الله. فذكرت رسول الله وأباها أبا بكر وعمر فحثّته على اتباع أثرهما والاقتداء بهما! فقال لها : أنت أهل لأن يسمع قولك ويطاع أمرك! ولكن أمر يزيد من قضاء الله! وليس للعباد الخيرة من أمرهم! وقد أعطى الناس على ذلك بيعتهم وأكّدوا عهودهم ومواثيقهم! أفترين أن ينقضوا عهودهم ومواثيقهم؟! فعلمت أنه سيمضي على أمره فقالت : فاتق الله في هؤلاء الرّهط ولا تعجل فيهم فلعلّهم لا يصنعون إلّا ما أحببت! (فكأنها تشفع لابن اختها عبد الله بن الزبير) فلمّا سمع معاوية ذلك منها وهو رضاها وفيه رضاه قام.
فقالت له : يا معاوية! قتلت حجرا وأصحابه العابدين المجتهدين؟!
فقال معاوية : دعي هذا : فكيف أنا في حوائجك بيني وبينك؟! قالت : صالح!
قال : فدعينا وإياهم حتّى نلقى ربّنا (١)!
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ١٨٢ ، ١٨٣ ، ولعلّ النقل عن ذكوان مولاها كما في أخبار أخرى.