وتجهّز سلم وسار إلى خراسان ، فأخذ الحارث بن قيس السّلمي عامل أخيه عبد الرحمان بن زياد وأقامه في سراويله يطالبه بالمال! وكان عمّال خراسان إذا دخل الشتاء عادوا من مغازيهم إلى بلدة مرو ، ويجتمع ملوك خراسان في بلد من بلاد خوارزم ، وكان مع سلم المهلّب بن أبي صفرة ، فسأله أن يوجّهه إليهم فوجّهه في أربعة آلاف ، فحاصرهم وصالحهم على نيّف وعشرين ألف ألف ، فبلغ قيمة ما أخذ منهم خمسين ألف ألف ، فاصطفى سلم منه ما أعجبه وبعث بعمدته مع مرزبان مرو في وفد إلى يزيد بالشام ، ثمّ عبر إلى سمرقند فصالحه أهلها (١).
ولعلّه لهذا قال الأحوص الشاعر في تملّك يزيد وانقياد الناس لملكه وتجبّره :
ملك تدين له الملوك ، مبارك! |
|
كادت لهيبته الجبال تزول |
تجبى له بلخ ، ودجلة كلّها |
|
وله الفرات وما سقى ، والنيل (٢) |
وفي اليعقوبي : ولّى يزيد : سلم بن زياد خراسان فصار إليها ومعه عدة من أشراف (البصرة) وأقام بنيسابور ثمّ صار إلى خوارزم ففتحها ، ثمّ صار إلى بخارى.
وكان ملكهم امرأة تدعى خاتون ، فلمّا رأت كثرة جمع سلم هالها ذلك فكتبت إلى ملك السغد طرخون : أقبل إليّ لتملك بخارى وتتزوّجني! فأقبل إليها في مئة وعشرين ألفا ، فلمّا بلغ سلم بن زياد إقبال طرخون وجّه المهلّب بن أبي صفرة طليعة له فخرج إليهم ، فلمّا أشرفوا على عسكر طرخون زحف أصحاب طرخون إليهم والتحم القتال ، فرشقهم المسلمون بالنبال فأصابوا طرخون فقتل
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٤٧١ ـ ٤٧٤.
(٢) مروج الذهب ٣ : ٦٨.