وسبق ابن عباس فلمّا دخل وسلّم أقعده على الفراش عن يساره وقال له :
يابن عباس ، لقد وفّر الله حظّكم من مجاورة هذا القبر الشريف ودار الرسول عليه الصلاة والسلام (صلاة بتراء). فقال ابن عباس : نعم ، وحظّنا من القناعة بالبعض والتجافي عن الكلّ أوفر! فجعل معاوية يحيد به عن طريق المجاوبة ويعدل إلى ذكر اختلاف الطبائع والأعمار!
وأمّا الحسين عليهالسلام فلمّا رآه معاوية جمع له وسادة عن يمينه ، فلمّا دخل وسلّم أشار إليه فأجلسه على الوسادة عن يمينه ثمّ سأله عن حاله وحال بني أخيه الحسن وأسنانهم وأعمارهم.
ثمّ قال : أمّا بعد فالحمد لله وليّ النعم ومنزل النقم! وأشهد أن لا إله إلّا الله المتعالي عمّا يقول الملحدون علوّا كبيرا ، وأنّ محمّدا عبده المختص المبعوث إلى الإنس والجن كافة لينذرهم بقرآن (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)(١) فأدّى عن الله وصدع بأمره وصبر على الأذى في جنبه حتّى وضح دين الله وعزّ أولياؤه وقمع المشركون ، وظهر أمر الله وهم كارهون ، فمضى صلوات الله عليه (كذلك صلاة بتراء) وقد ترك من الدنيا ما بذل له ، واختار منها الترك لما سخّر له زهادة واختيارا لله وأنفة واقتدارا على الصبر ، بغيا لما يدوم ويبقى. فهذه صفة الرسول صلىاللهعليهوسلم (كذلك صلاة بتراء).
ثمّ خلفه رجلان محفوظان وثالث مشكور! وبعد ذلك خوض طالما عالجناه مشاهدة ومكافحة ومعاينة وسماعا ، وما أعلم أنا منه فوق ما تعلمان .. وقد علم الله ما أحاول به في أمر الرعيّة من سدّ الخلل ولمّ الصدع بولاية «يزيد» بما أيقظ العين! هذا معناي في يزيد!
__________________
(١) فصلت : ٤٢.