ثمّ طلب الحسين بن علي إليه (ابن مرجانة) الموادعة والرجعة ، فاغتنمتم قلّة أنصاره واستئصال أهل بيته ، فعدوتم عليهم ، فقتلوهم كأنّما قتلوا أهل بيت من الترك والكفر!
فلا شيء أعجب عندي من طلبك ودّي ونصري وقد قتلت بني أبي وسيفك يقطر من دمي ، وأنت مأخذ ثأري ، فإن يشأ الله لا يطلّ لديك دمي ولا تسبقني بثأري ، وإن سبقتني به في الدنيا فقبلنا ما قتل النبيّون وآل النبيّين ، وكان الله الموعد ، وكفى به للمظلومين ناصرا ومن الظالمين منتقما ، فلا يعجبنّك إن ظفرت بنا اليوم فو الله لنظفرنّ بك يوما!
وأمّا ما ذكرت من وفائي وما زعمت من حقّي ؛ فإن يك ذلك كذلك فقد والله بايعت أباك وإنّي لأعلم أن ابني عمّي (الحسنين) وجميع بني أبي أحقّ بهذا الأمر من أبيك! ولكنّكم ـ معاشر قريش ـ كاثرتمونا فاستأثرتم علينا سلطاننا ودفعتمونا عن حقّنا ، فبعدا لمن تحرّى ظلمنا واستغوى السفهاء علينا وتولّى الأمر دوننا ، بعدا لهم كما بعدت ثمود وقوم لوط وأصحاب مدين ومكذّبوا المرسلين.
ألا ومن أعجب العجب ـ وما عشت أراك الدهر العجيب ـ حملك بنات عبد المطلب وغلمة صغارا من ولده إليك بالشام ، كالسبي المجلوب! تري الناس أنّك قهرتنا وأنت تمنّ علينا! ولعمري لئن كنت تصبح وتمسي آمنا من جرح يدي إنّي لأرجو أن يعظم جراحك بلساني ونقضي وإبرامي ، فلا يستمرّ بك الجذل (الفرح) ولا يمهلك الله بعد قتلك عترة رسول الله إلّا قليلا حتّى يأخذك أخذا أليما فيخرجك الله من الدنيا ذميما أثيما! فعش لا أبالك! فقد ـ والله ـ أرداك عند الله ما اقترفت! والسلام على من أطاع الله (١).
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٤٨ ـ ٢٥٠ ، وأسنده في مقتل الخوارزمي ٢ : ٧٧ ـ ٧٩ ، وبسنده في بحار الأنوار ٤٥ : ٣٢٣ ـ ٣٢٥.