أنّي خرجت من دمشق ونحن على التعبئة التي رأى أمير المؤمنين! يوم فارقنا بالعافية ، فلقينا أهل بيت أمير المؤمنين! بوادي القرى فرجع معنا مروان بن الحكم ، وكان لنا عونا على عدوّنا. وإنّا انتهينا إلى المدينة فإذا أهلها خندقوا عليها الخنادق ، وأقاموا على أنقابها الرجال بالسلاح ، وأدخلوا ماشيتهم وما يحتاجون لحصارهم سنة! فيما يقولون.
وإنّا أعذرنا إليهم وأخبرناهم بعهد أمير المؤمنين! وما بذل لهم ، فأبوا ، ففرّقت أصحابي على أفواه الخنادق : فولّيت الحصين بن نمير ناحية الذناب وما والاها ، ووجّهت جيش دلجة على الموالي (كذا) إلى ناحية بني سلمة ، ووجّهت عبد الله ابن مسعدة إلى ناحية بقيع الغرقد ، وكنت ـ ومن معي من قوّاد أمير المؤمنين ورجاله في وجوه بني حارثة (ثمّ) بطريق فتحه لنا رجل منهم بما دعاه مروان بن الحكم إلى صنيع أمير المؤمنين! وما تضمّن له عنه من قرب المكانة وجزيل العطاء وإيجاب الحقّ وقضاء الذّمام ، وقد بعثت به إلى أمير المؤمنين! وأرجو من الله أن يلهم خليفته وعبده عرفان ما أولى من الصنع وأسدى من الفضل! وكان من محمود مقام مروان بن الحكم وجميل مشهده وسديد بأسه وعظيم نكايته لعدوّ أمير المؤمنين! ما لا إخال ذلك ضائعا عند إمام المسلمين وخليفة ربّ العالمين إن شاء الله! فأدخلنا الخيل عليهم حين ارتفع النهار من ناحية بني عبد الأشهل ... وسلّم الله رجال أمير المؤمنين! فلم يصب أحد منهم بمكروه! ولم يقم لهم عدوّهم من ساعات نهارهم أربع ساعات. فما صلّيت الظهر ـ أصلح الله أمير المؤمنين ـ إلّا في مسجدهم! بعد القتل الذريع والانتهاب العظيم! وأوقعنا بهم السيوف وقتلنا من أشرف لنا منهم! وأتبعنا مدبرهم! وأجهزنا على جريحهم! وانتهبناهم ثلاثا كما قال أمير المؤمنين! أعزّ الله نصره. وجعلت دور بني الشهيد المظلوم عثمان بن عفّان في حرز وأمان!