فقام عبد الله بن الزبير فأكّد عليه أن يصنع كما صنع كلّ منهما حيث زووها عن أبنائهم ، فلم يتكلّم ونزل عن المنبر وانصرف إلى منزله ، وأمر أن يحضروا إليه هؤلاء الممتنعين عن البيعة (١).
قال اليعقوبي : وقال معاوية للحسين عليهالسلام : يا أبا عبد الله ، علمت أنا قتلنا «شيعة أبيك» فحنّطناهم وكفّناهم وصلّينا عليهم ودفنّاهم! ـ كأنّه يهدّده ويمنّ بها عليه أيضا ـ.
فقال الحسين عليهالسلام : حججتك وربّ الكعبة! لكنّا ـ والله ـ ان قتلنا «شيعتك» ما كفّنّاهم ولا حنّطناهم ولا صلّينا عليهم ولا دفنّاهم (٢)!
ثمّ قال له : «ولقد بلغني وقيعتك في عليّ عليهالسلام وقيامك ببغضنا واعتراضك بني هاشم بالعيوب ، فإذا فعلت ذلك فارجع إلى نفسك ثمّ سلها الحقّ عليها ولها ، فإن لم تجدها أكثر عيبا في أصغر عيبك فيك فقد ظلمناك يا معاوية! فلا توترن غير قوسك ، ولا ترمينّ غير غرضك ، ولا ترينا بالعداوة من مكان قريب ، فإنّك والله لقد أطعت فينا رجلا ما قدم إسلامه ولا حدث نفاقه (فنفاقه قديم) ولا نظر لك ، فانظر لنفسك أو دع». قال الراوي صالح بن كيسان التابعي : يعني عمرو بن العاص (٣).
ونقل ابن عبد ربّه الأندلسي : أن سعد بن أبي وقاص كان ما زال حيّا وفي المدينة ومعروفا بكراهته لسبّ علي عليهالسلام ، وعلم من معاوية أنّه يريد سبّه على منبر رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقيل له : إن هاهنا سعد بن أبي وقاص ولا نراه يرضى بهذا ، فابعث إليه وخذ رأيه!
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ١٨٨ ـ ١٩٠ ، وأشار خليفة إلى خطبته بالمدينة : ١٣١.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٣١.
(٣) الاحتجاج ٢ : ٢٠.