ما ضرّ «أهل عذراء» (حجرا وأصحابه) الذين قتلوا أن يكونوا اليوم أحياء عند ربهم يرزقون ، شهداء قد لقوا الله صابرين محتسبين ، فأثابهم ثواب الصابرين. وما ضرّ إخوانكم المقتّلين صبرا المصلّبين ظلما ، والممثّل بهم والمعتدى عليهم أن لا يكونوا أحياء مبتلين بخطاياكم ، قد خير لهم فلقوا ربّهم ووفّاهم الله أجرهم إن شاء الله!
فاصبروا ـ رحمكم الله ـ على البأساء والضرّاء وحين البأس وتوبوا إلى الله عن قريب ، فو الله إنّكم لأحرياء أن لا يكون أحد من إخوانكم صبر على شيء من البلاء إرادة ثوابه ، إلّا صبرتم التماس الأجر فيه على مثله ، ولا يطلب رضا الله طالب بشيء من الأشياء إلّا طلبتم رضا الله به ولو أنّه القتل!
إنّ التقوى أفضل الزاد في الدنيا ، وما سوى ذلك يبور ويفنى ، فلتعزف عنها أنفسكم ، ولتكن رغبتكم في دار عاقبتكم ، وفي جهاد عدوّ الله وعدوّكم وعدو «أهل بيت نبيّكم» حتّى تقدموا على الله «تائبين» راغبين.
أحيانا الله وإياكم حياة طيّبة ، وأجارنا وإيّاكم من النار ، وجعل منايانا قتلا في سبيله على يدي أبغض خلقه إليه وأشدّهم عداوة له ، إنّه القدير على ما يشاء ، والصانع لأوليائه في الأشياء ، والسلام عليكم.
ولمّا قرأ سعد بن حذيفة الكتاب بعث إلى «الشيعة» بالمدائن فقرأه عليهم ، ثمّ حمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أمّا بعد ؛ فإنّكم قد كنتم مجتمعين مزمعين على نصر الحسين وقتال عدوّه ، فلم يفجأكم شيء قبل قتله ، والله مثيبكم على حسن النيّة ، وعلى ما أجمعتم عليه من النصر ، بأحسن المثوبة. وقد بعث إخوانكم يستنجدونكم ويستمدّونكم ، ويدعونكم إلى الحقّ ، وإلى ما ترجون لكم به عند الله أفضل الأجر والحظّ ، فماذا تريدون وماذا تقولون؟!