وكان عبد الله بن يزيد أمير الحرب والثغور ، وكان ابن زياد قد توجّه إلى العراق وبلغ خبره إلى ابن يزيد الأنصاري أنّه على مسيرة ليلة من جسر منبج في ثغور الشام إلى العراق ، وعزم أن يجعل بأس التوّابين على الأمويّين ، ولم يكن أخبر عامل ابن الزبير على خراج الكوفة : إبراهيم بن محمّد بن طلحة بشيء ، حتّى خرج وصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال :
أمّا بعد ، فقد بلغني : أنّ طائفة من أهل هذا المصر أرادوا أن يخرجوا علينا ، فسألت عن الذي دعاهم إلى ذلك ما هو؟ فقيل لي : زعموا أنّهم يطلبون بدم الحسين بن عليّ عليهالسلام.
وقد دللت على أماكنهم وأمرت بأخذهم وأن أبدأهم قبل أن يبدؤوني! فأبيت ذلك وقلت : إن قاتلوني قاتلتهم وإن تركوني لم أطلبهم ، وعلام يقاتلونني! فو الله ما أنا قتلت حسينا ولا أنا ممّن قاتله ، بل لقد اصبت بمقتله رحمة الله عليه! ورحم الله هؤلاء القوم ، وإنّ هؤلاء القوم آمنون ، فليخرجوا ولينتشروا ظاهرين ليسيروا إلى من قاتل الحسين ، وأنا لهم ظهير!
هذا ابن زياد قاتل الحسين ، وقاتل خياركم وأماثلكم قد توجّه إليكم ، عهد العاهد به على مسيرة ليلة من جسر منبج ، فقتاله والاستعداد له أولى وأرشد من أن تجعلوا بأسكم بينكم فيقتل بعضكم بعضا ويسفك بعضكم دماء بعض ، فيلقاكم ذلك العدو غدا وقد رققتم ، وتلك امنية عدوّكم.
إنّه قد أقبل إليكم أعدى خلق الله لكم ؛ من ولّي عليكم هو وأبوه سبع سنين (كذا) لا يقلعان عن قتل أهل العفاف والدين. هو الذي قتلكم ومن قبله أتيتم ، والذي قتل من تثأرون بدمه (الحسين) قد جاءكم فاستقبلوه بحدّكم وشوكتكم ، واجعلوها به ولا تجعلوها بأنفسكم ، إنّي لم آلكم نصحا. جمع الله لنا كلمتنا وأصلح لنا أئمّتنا!