فلما توفي زياد ووضع نعشه ليصلّى عليه تقدّم ابنه عبيد الله ليصلّي عليه فنحّاه خالد وتقدّم فصلّى عليه. فلمّا فرغوا من دفنه (بثويّة الكوفة) خرج عبيد الله من ساعته إلى معاوية ، فقال له معاوية : يا بنيّ! ما منع أباك أن يستخلفك؟ أما لو فعل لفعلت! فقال عبيد الله : أنشدك الله أن يقولها لي أحد بعدك : ما منع أباه وعمّه أن يستعملاه! فولّاه خراسان حتّى ثغر الهند! فصار عبيد الله إلى خراسان فقاتل خاتون ملكة بخارى حتّى فتحها سنة (٥٥) ، ثمّ كان أول عربي قطع نهر بلخ وحارب أهل بلخ حتّى فتحها سنة (٥٦) فولّاه معاوية البصرة وولّى على خراسان أخاه عبد الله فاستضعفه وعزله ، وولّى أخاه عبد الرحمن فلم يحمده فعزله (١).
وكان زياد ولي العراق اثنتي عشرة سنة (من ٤٢ إلى ٥٤) وكانت له رجلة وصولة ودهاء! وكان يقول : ينبغي أن يكون كتّاب الخراج من رؤساء الأعاجم العالمين بأمور الخراج ، فأفرد كتّاب الرسائل والدواوين من الموالي المتفصّحين بالعربية ومعهم من العرب ، وهو أول من وضع النسخ للكتب ودوّن الدواوين في العراقين. وكان أول من بسط أرزاق عمّاله ألف درهم ألف درهم وقرّر لنفسه خمسة وعشرين ألف درهم (٢)! وكان موت زياد في شهر رمضان (٣) في الرابع منه (٤).
وكان قد استقرّ خراج العراق وما يضاف إليه مما كان في مملكة الفرس في أيام (زياد) على ستمئة ألف ألف وخمسة وخمسين ألف ألف (٦٥٥ مليون)
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٣٥ ـ ٢٣٧.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٣٤.
(٣) تاريخ الطبري ٥ : ٢٨٨ وحسب موته بالطاعون بدعاء ابن عمر!
(٤) تاريخ الطبري ٥ : ٢٩٧.