قال حميد بن مسلم الأزدي : فلمّا كان عند غروب الشمس من يوم الاثنين قام إبراهيم بن الأشتر فأذّن ثمّ استقدم فصلّى بنا المغرب ، فلمّا اشتدّ الظلام بعد المغرب خرج بنا يريد المختار (١) وخرجت معه من منزله بعد المغرب ليلة الثلاثاء ونحن معه كتيبة نحو من مئة ، علينا الدروع قد سترناها بالأقبية ، ونحن متقلدوا السيوف في عواتقنا ليس معنا سلاح سواها. فلمّا مررنا بدار سعيد بن قيس وجزناها إلى دار اسامة قلنا لإبراهيم : مرّ بنا على دار خالد بن عرفطة ثمّ امض بنا إلى بجيلة نمرّ في دورهم حتّى نخرج إلى المختار.
وكان إبراهيم فتى حدثا شجاعا لا يكره أن يلقاهم فقال : والله لأمرّن على دار عمرو بن حريث إلى جانب القصر وسط السوق! ولارعبنّ به عدوّنا ولارينّهم هوانهم علينا! فأخذ بنا على دار هبّار ثمّ أخذ بنا ذات اليمين على دار عمرو بن حريث حتّى إذا جاوزها ألفينا إياس بن مضارب في الشرط عليهم أسلحتهم ، فقال لنا : من أنتم وما أنتم؟! فقال له إبراهيم : أنا إبراهيم بن الأشتر. قال إياس : وما هذا الجمع معك؟ وما تريد؟ وقد بلغني أنّك تمرّ كلّ عشية هاهنا! فما أنا بتاركك حتّى آتي بك الأمير فيرى فيك رأيه! قال إبراهيم : لا أبا لغيرك خلّ سبيلنا! قال : كلّا والله لا أفعل.
وكان مع إياس رجل من همدان يقال له أبو قطن ومعه رمح طويل ، فقال له ابن الأشتر : يا أبا قطن ادن مني ، فدنا أبو قطن من إبراهيم ، فتناول إبراهيم رمحه من يده وقال : إنّ رمحك هذا لطويل! ثمّ حمل به على إياس فطعنه في ثغرة نحره فصرعه ، وأمر رجلا من قومه أن ينزل إليه فيحتزّ رأسه ، فنزل إليه واحتزّ رأسه وحمله معه ، وتفرّق أصحابه راجعين إلى القصر! واخبروا بذلك ابن مطيع ،
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ : ١٨.