أبي يزيد ، ولأمّي خير من أمّه ، ولأنا خير منه ، ولقد استعملناك فما عزلناك بعد ، ووصلناك فما قطعناك ثمّ صار في يديك ما ترى فحلأتنا عنه أجمع (١)!
فضحك معاوية وقال له : يابن أخي أمّا قولك : إنّ أباك خير من أبيه ، فيوم من عثمان خير من معاوية وأما قولك : إنّ أمّك خير من أمّه ، ففضل «قرشيّة» على كلبيّة فضل بيّن! وأما أن أكون نلت ما أنا فيه بأبيك فإنّما هو الملك يؤتيه الله من يشاء! قتل أبوك فتواكلته بنو العاص وقامت فيه بنو حرب! فنحن أعظم بذلك منّة عليك ، وأمّا أن تكون خيرا من يزيد ، فو الله ما أحبّ أن داري مملوءة رجالا مثلك بيزيد ، ولكن دعني من هذا القول وسلني أعطك!
فقال سعيد بن عثمان : يا أمير المؤمنين ، لا يعدم يزيد مزكّيا ما دمت له. وما كنت لأرضى ببعض حقّي دون بعض ، فإذا أبيت فأعطني مما أعطاك الله.
فقال معاوية : لك خراسان! فقال : وما خراسان؟ قال : إنّها طعمة لك وصلة رحم (٢).
وروى الطبري ، عن النميري البصري ، عن المدائني البصري : أن سعيدا هو الذي طلب من معاوية تولية خراسان فقال له : إن بها عبيد الله بن زياد ، وذلك في سنة (٥٦ ه) ، فلمّا عتب عليه سعيد وردّه معاوية شفع له يزيد فقال : يا أمير المؤمنين ، ابن عمّك وأنت أحقّ من نظر في أمره ، وقد عتب عليك فأرضه. فولّاه خراسان حربها وخراجها (٣) بعد عبد الرحمن بن زياد فقطع النهر وصار إلى بخارى وقد تمرّدت خاتون ملكة بخارى فطلبت الصلح ثمّ حاربت فحاربها سعيد في مقتلة عظيمة حتّى ظفر بهم ، ثمّ سار إلى سمرقند فحاصرها ، وكان معه
__________________
(١) تاريخ دمشق لابن عساكر ٦ : ١٥٥ ، وعنه في الغدير ١٠ : ١٣٥.
(٢) الإمامة والسياسة ١ : ١٩١.
(٣) تاريخ الطبري ٥ : ٣٠٥.