إلّا عمرو بن حريث المخزومي حيث خرج خارج الكوفة ، وجاء المختار حتّى نزل جانب السوق ، وولّى ابن الأشتر لحصار القصر من بابه إلى المسجد ، وولّى يزيد بن أنس سكّة دار الرّوميين وراء دار الإمارة إلى بني حذيفة ، وولّى أحمر بن شميط الأحمسي ما يلي دار أبي موسى الأشعري ودار عمارة بن عقبة بن أبي معيط الأموي. ومكث ابن مطيع في القصر يرزق أصحابه الدقيق (١).
وفي العشيّ أشرف من القصر عبد الله الليثي على أصحاب المختار يشتمهم ، فرماه أبو نمران مالك النهدي بسهم قطع جلدة حلقه (٢).
ولما اشتد الحصار قام شبث إلى ابن مطيع وقال له : والله ما عندك ومن معك غناء عنك ولا عن أنفسهم ، فانظر لهم ولنفسك! فقال ابن مطيع : أشيروا عليّ برأيكم. فقال شبث : خذ من هذا الرجل أمانا لنا ولنفسك! فكره ذلك ابن مطيع وقال : هذا والأمور مستقيمة لأمير المؤمنين بالحجاز والبصرة! فقال شبث : فتخرج من حيث لا يشعر بك حتّى تنزل منزلا بالكوفة عند من تثق به حتّى تخرج فتلحق بصاحبك! وكان عنده أسماء بن خارجة الفزاري وعبد الرحمان بن سعيد بن قيس الهمداني وعبد الرحمان بن مخنف الأزدي وآخرون فقال لهم : فما ترون في هذا الرأي؟ قالوا : ما نرى إلّا ما أشار به عليك. فقال : فرويدا حتّى نمسي.
فلما أمسى اليوم الثالث من الحصار دعاهم فذكر الله بما هو أهله وصلّى على نبيّه ثمّ قال :
أمّا بعد ، فقد علمت الذين صنعوا هذا من هم! وإنّما هم أراذلكم وسفهاؤكم وأخسّاؤكم وطغامكم ما عدا الرجل أو الرجلين! وإن أشرافكم وأهل الفضل منكم
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ : ٣١ عن أبي مخنف.
(٢) تاريخ الطبري ٦ : ٣٢ عن أبي مخنف.