وجلست إلى جنب الزبير ، فقال : قومي عنّي أخاف أن أثب عليك! فهذا الذي أراد ابن عباس (١).
وهذا لا ينافي ما مرّ من استظهار أنّ ابن عباس كان قد بايع ابن الزبير كرها أو إكراها ، كما لا ينافي ذلك أن يضيق ابن الزبير به ذرعا من مجادلاته هذه بالحق فيحمله ذلك على إخراجه عن مكّة إلى الطائف إخراجا قبيحا ـ كما في اليعقوبي ـ وقال :
وكتب إليه ابن الحنفية : أمّا بعد ، فقد بلغني أنّ عبد الله بن الزبير سيّرك إلى الطائف. فرفع الله بك أجرا واحتطّ عنك وزرا. يابن عمّ ، إنّما يبتلى الصالحون ، وتعدّ الكرامة للأخيار ، ولو لم نؤجر إلّا فيما نحبّ وتحبّ لقلّ الأجر ، فاصبر فإن الله قد وعد الصابرين خيرا ، والسلام (٢).
واعتمد المسعودي هنا على خبر عمر بن شبّة النميري البصري بسنده عن سعيد بن جبير قال : وجرى بينهم (بينهما) خطب طويل فخرج ابن عباس من مكّة! خوفا على نفسه! فنزل الطائف حتّى توفى هناك (٣).
واليعقوبي وإن أعقب خبر إخراج ابن عباس لخبر إخراج ابن الحنفية إلى ناحية رضوى ، لكنّه لمّا أعقب ذلك بخبر رسالة ابن الحنفية إلى ابن عباس كأنّه سلّم بتأخّر إخراج ابن الحنفيّة ، وهو الصحيح ؛ لما سيأتي من إثارته للمختار على أخذ الثار من قتلة الحسين عليهالسلام وهو بمكّة.
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ٧٩ ـ ٨٢.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٦٢.
(٣) مروج الذهب ٣ : ٨٠.