فجاء الرسول إلى باب عليّ بن الحسين عليهالسلام فلما فتحت أبوابه ودخل الناس للطعام نادى الرجل بأعلى صوته : «يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومهبط الملائكة ومنزل الوحي! أنا رسول المختار بن أبي عبيد ومعي رأس عبيد الله بن زياد»! فصرخت نسوة بني هاشم ، ودخل الرسول فأخرج الرأس فلمّا رآه عليّ بن الحسين قال : أبعده الله إلى النار. ولم ير ضاحكا منذ قتل أبوه الحسين حتّى ذلك اليوم.
وكانت له إبل تحمل له الفاكهة من الشام فأمر بتلك الفواكه أن تفرّق في أهل المدينة.
وما اختضبت امرأة من بني هاشم منذ قتل الحسين ولا امتشطت حتّى ذلك اليوم» (١).
وجاء هذا في خبر الكشيّ عن جارود بن المنذر الزيدي عن الصادق عليهالسلام قال : ما امتشطت فينا هاشميّة ولا اختضبت حتّى بعث إلينا المختار برؤوس الذين قتلوا الحسين عليهالسلام.
ثمّ روى عن عمر بن عليّ بن الحسين عليهالسلام أنّه لمّا أتي برأس ابن زياد وعمر بن سعد خرّ ساجدا وقال : الحمد لله الذي أدرك لي ثاري من أعدائي ، وجزى الله المختار خيرا.
وأنّ المختار كان قد أرسل إلى أبيه بعشرين ألف دينار ، فقبلها وبنى بها دارهم التي هدمت ودار عقيل بن أبي طالب ، ولم يكن قد ظهر من المختار يومئذ ما ظهر منه بعد ذلك (٢).
وسيأتي خبر قتله لعمر بن سعد وإرساله لرأسه إلى ابن الحنفيّة ، فلعلّ عمر بن عليّ بن الحسين عليهالسلام تسامح في عطف اللاحق على السابق.
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٥٩.
(٢) رجال الكشي : ١٢٧ ، الحديث ٢٠٢ و ٢٠٣ و ٢٠٤ وفي آخره : وبعد ما أظهر الكلام الذي أظهره (؟!) بعث إليه بأربعين ألف دينار فردّها ولم يقبلها.