أيّها الناس ، إنّا نحتمل لكم كلّ لغوبة ما لم يكن عقد راية أو وثوباً على منبر! هذا عمرو بن سعيد وحقّه حقّه وقرابته قرابته ، قال برأسه هكذا (ورفع رأسه) فقلنا بسيفنا هكذا (وأشار إلى الارض) (١).
وزاد ابن الاثير : فإنّي لست بالخليفة المستضعف (يعني عثمان) ولا بالخليفة المداهن (يعني معاوية) ولا بالخليفة المأفون (يعني يزيد)! ألا وإنّي لا اُداوي هذه الأُمّة إلّا بالسيف حتّى تستقيم لي قناتكم! وأنّكم تحفّظوننا أعمال المهاجرين الأوّلين ولا تعلمون بها في أعمالكم! وتامروننا بتقوى الله وتنسون ذلك في أنفسكم! والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلّا ضربت عنقه١ ونزل (٢).
وأتاه علي بن عبدالله بن عباس فأعلمه ما لقي أبوه وأهل بيته من ابن الزبير لامتناعهم من بيعته! وأن أباه أوصاه ليلحق به! (فما الفرق؟).
ولمّا أراد ابن مروان الانصراف وقف فقال مشيراً إلى الكعبة : والله إني وددت أنّي تركت ابن الزبير وما تقلّد وأنّي لم أكن أحدثت فيها شيئاً! وأمر بحمل علي بن عبدالله بن عباس وعياله معه إلى المدينة ثمّ الشام!
فوافى المدينة ثانية في أوائل المحرم لعام (٧٦ هـ) فسلّط خطباءه عليهم بغليظ القول ، وكان بعض خطبائه يتكلّم إذ قام إليه محمّد بن عبدالله القارئ وقال له : كذبت لسنا كذلك! فأخذ الحرس يجرونه وبلغ ذلك عبدالملك فأرسل إليهم أن يُرسلوه فأرسلوه ، وقد ظنّ الناس أنّهم قاتلوه! وإنّما أقام عبدالملك بالمدينة ثلاثاً ثمّ انصرف إلى الشام ومعه علي بن عبدالله فأنزله داراً بدمشق (٣).
__________________
(١) تاريخ خليفة : ١٧١.
(٢) الكامل لابن الاثير ٤ : ٣٩١.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٧٤.