ورحل إليه عبد الله بن عمر يوما ، فقال له : يا أبا عبد الله ، كيف ترى بنياننا؟ قال : إن كان من مال الله فأنت من الخائنين! وإن كان من مالك فأنت من المسرفين!
وكان سعيد بن المسيّب يقول : فعل الله بمعاوية وفعل! فإنه أوّل من أعاد هذا الأمر ملكا وكان هو يقول : أنا أوّل الملوك (١).
وفعل معاوية بالشام والجزيرة واليمن مثل ما فعل بالعراق من استصفاء ما كان للملوك من الضياع وتصييرها لنفسه خالصة ... وكان أول من كانت له الصوافي في جميع الدنيا! حتى بمكة والمدينة فإنه كان فيهما شيء يحمل في كل سنة من أو ساق التمر والحنطة.
وكان صاحب العراق يحمل إليه من مال صوافيه في نواحيه مئة ألف ألف (١٠٠ مليون) درهما. واستقر خراج مصر بعد عمرو بن العاص على ثلاثة آلاف ألف (٣ ملايين) دينارا! واستقر خراج فلسطين على أربعمئة وخمسين ألف دينار ، واستقر خراج الأردن على مئة وثمانين ألف دينار ، وخراج دمشق على أربعمئة ألف وخمسين ألف دينار ، وخراج جند حمص على ثلاثمئة وخمسين ألف دينار ، وخراج قنّسرين والعواصم على أربعمئة ألف وخمسين ألف دينار ، وخراج الجزيرة وهي ديار ربيعة ومضر على خمسة وخمسين ألف ألف (٥٥ ميليون) درهما. وخراج اليمن على ألف ألف (مليون) ومئتي ألف دينار (٢).
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٣٢ ، وهذا أولى وأقرب وأنسب ممّا نسبه إليه المسعودي في مروج الذهب ٣ : ٤٩ : أن معاوية لمّا احتضر دعا بدعاء بلغ ذلك سعيد بن المسيب فقال : لقد رغب إلى من لا مرغوب إليه مثله ، وإني لأرجو أن لا يعذّبه الله!
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٣٣ و ٢٣٤.