ودخل سليمان على الوليد وقال له : يا أمير المؤمنين! إعزل الحجّاج ابن يوسف عن العراقين ، فإنّ الذي أفسد أكثر مما أصلح! فقال الوليد : إنّ عبد الملك قد أوصاني به خيرا! فقال سليمان : إنّ عزل الحجّاج والانتقام منه من طاعة الله وتركه من معصية الله! فقال الوليد : سنرى وترون إن شاء الله (١).
ودفن عبد الملك وجاء في وصفه : أنّه كان مربوعا أسمر قد طوّل لحيته ، متيقّظا في سلطانه ، حازما في أمره ، لا يكل الأمور في أعدائه وأهل حربه حتّى يباشرها بنفسه ، ويخطئ كثيرا ومع ذلك يسلم فتغرّه السلامة.
واستمرّ في الاعتماد على الكاتب سرجون بن منصور الرومي النصراني كاتب معاوية ، ويزيد قبله ، ثمّ كتب له عمرو بن الحارث مولى بني عامر (٢) واتخذ الأخطل النصراني شاعرا قال فيه : لكل قوم شاعر وشاعر بني أمية الأخطل! ولما أنشده قوله فيهم :
شمس العداوة حتّى يستقاد لهم |
|
وأعظم الناس أحلاما إذا قدروا! |
طرب له وقال لغلامه : يا غلام خذ بيده فألق عليه من الخلع ما يغمره! وأنشده الأخطل في الخمرة :
إذا ما نديمي علّني ثم علّني |
|
ثلاث زجاجات لهنّ هدير |
خرجت أجرّ الذيل تيها ، كأنّني |
|
عليك ـ أمير المؤمنين ـ أمير (٣) |
__________________
(١) الإمامة والسياسة ٢ : ٥٨.
(٢) التنبيه والإشراف : ٢٧٣. وفي تاريخ خليفة : أن سرجون كان كاتب الخراج وأزاق الجنود. وخلّفه : سليمان بن سعد مولى قضاعة : ١٨٩.
(٣) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٢٦٤.