فخرج الوليد إلى الناس وصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : نعمة ما أجلّها! ومصيبة ما أعظمها! فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ، فقد الخليفة ، ونقلت الخلافة (١).
وقال : أيها الناس ؛ عليكم بالطاعة ولزوم الجماعة ، فإنّه من أبدى ذات نفسه ضربت الذي فيه عيناه (٢)!
ثمّ دعا الناس إلى بيعته ، فلم يختلف عليه أحد. ثمّ كتب ببيعته إلى الآفاق والأمصار ، وإلى الحجّاج بالعراق (٣) فنعى إليه أباه عبد الملك ودعاه إلى بيعته.
فنادى الحجّاج بالصلاة جامعة ثمّ صعد المنبر فذكر عبد الملك وقرّظه ووصف فعله وقال : كان والله البازل الذكر! رابعا من الولاة الراشدين المهديين (الامويّين!) وقد اختار له الله ما عنده! وعهد إلى نظيره في الفضل وشبيهه في الحزم والجلد والقيام بأمر الله! فاسمعوا وأطيعوا (٤)! فبايع الناس ولم يختلف عليه أحد. ثمّ كتب الحجّاج إلى الوليد :
أما بعد ، فإنّ الله تعالى استقبلك ـ يا أمير المؤمنين! ـ في حداثة سنّك بما لا أعلمه استقبل به خليفة قبلك : من التمكين في البلاد والملك للعباد والنصر على الأعداء! فعليك بالإسلام فقوّم إوده وشرائعه وحدوده! ودع عنك محبة الناس وسخطهم وبغضهم ، فإنّهم قلّ ما يؤتى الناس من خير وشر إلّا أفشوه (أو نسوه) في ثلاثة أيام ، والسلام.
__________________
(١) الإمامة والسياسة ٢ : ٥٨.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٨٣.
(٣) الإمامة والسياسة ٢ : ٥٨.
(٤) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٨٣.