كتابا بنعي معاوية وأردفها بصحيفة أخرى صغيرة وفيها : أمّا بعد ، فخذ حسينا وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذا شديدا ليست فيه رخصة حتّى يبايعوا ، والسلام (١) فكان ذلك يعني إبقاءه على عمله ضمنا وتلويحا.
ولدى اليعقوبي : إذا أتاك كتابي هذا فخذ الناس بالبيعة وأحضر الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير وخذهما بالبيعة لي ، فإن امتنعا فاضرب أعناقهما وابعث إليّ برأسيهما! ومن امتنع من الناس فأنفذ فيه الحكم ، والسلام (٢).
وروى ابن الخياط بسنده عن زريق مولى معاوية قال : بعثني يزيد إلى الوليد ، فقدمت المدينة ليلا وقد دخل الوليد ، وقال حاجبه : قد دخل فلا سبيل إليه! فقلت له : إنّي قد جئته بأمر! فدخل وأخبره فأذن لي وهو على سريره ، فلمّا قرأ الكتاب جزع وجعل يقوم على فراشه ويرمي بنفسه على الفراش جزعا. ثمّ بعث إلى مروان ـ وناس من بني أميّة ـ فجاء وعليه قميص أبيض وملاءة مورّدة ، فنعى له معاوية وأخبره أنّ يزيد كتب إليه أن يبعث إلى هؤلاء الرهط فيدعوهم إلى بيعته (٣).
وقرأ عليه كتاب يزيد ، فاسترجع وترحّم على معاوية ، واستشاره الوليد قال : كيف نصنع؟ قال : فإنّي أرى أن تبعث الساعة ليلا إلى هؤلاء النفر فتدعوهم إلى البيعة والدخول في الطاعة ، فإن فعلوا قبلت منهم وكففت عنهم ، وإن أبوا قدّمتهم وضربت أعناقهم قبل أن يعلموا بموت معاوية! فإنّهم إن علموا بموت معاوية وثب كلّ امرئ منهم في جانب وأظهر الخلاف والمنابذة ودعا الناس إلى نفسه (٤).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٣٣٨ عن أبي مخنف ، والإرشاد ٢ : ٣٢ بمعناه.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٤١.
(٣) تاريخ خليفة : ١٤٤.
(٤) تاريخ الطبري ٥ : ٣٣٩ عن أبي مخنف.