إن كان يريد قتلي فما سلامي عليه؟! وإن كان لا يريد قتلي فلعمري ليكثرنّ سلامي عليه! فقال ابن زياد : فلعمري لتقتلنّ! قال : كذلك؟! قال : نعم! قال : فدعني اوصي إلى بعض قومي.
وكان عمر بن سعد بن أبي وقّاص الزهري قد دخل قبلهم وهو جالس مع ابن زياد ، وكان مسلم يعرفه من قبل ، فلمّا نظر إليه مسلم ناداه : يا عمر! إن بيني وبينك قرابة (قرشيّة) ولي إليك حاجة ، وقد يجب لي عليك إنجاح حاجتي ، وهو سرّ! فلم يقم إليه حتى قال له ابن زياد : لا تمتنع أن تنظر في حاجة ابن عمّك! فقام عمر إلى مسلم وتنحّيا إلى حيث يراهما ابن زياد ، فقال مسلم لابن سعد :
إنّ عليّ دينا استدنته منذ قدمت الكوفة سبعمئة درهم ، فاقضها عنّي.
وانظر جثّتي فاستوهبها من ابن زياد فوارها.
وابعث إلى حسين من يردّه ، فإني كتبت إليه اعلمه أنّ الناس معه ، ولا أراه إلّا مقبلا.
وقاما فاعيد مسلم إلى ما بين يدي ابن زياد ، ودنا ابن سعد إلى ابن زياد فقال له : أتدري ما قال لي؟ ثمّ ذكر له وصاياه الثلاثة. فقال ابن زياد : إنّه لا يخونك الأمين ولكن قد يؤتمن الخائن! فاتّهمه بالخيانة! ثمّ قال له : أمّا مالك ؛ فهو لك ، ولسنا نمنعك أن تصنع فيه ما أحببت (من قضاء دين مسلم) وأما حسين ؛ فإنّه إن لم يردنا لم نرده ، وإن أرادنا لم نكفّ عنه! (وسكت عن وصيّة مسلم) ثمّ قال : وأمّا جثّته ؛ فإنّا لن نشفّعك فيها! إنّه ليس بأهل منّا لذلك. قد جاهدنا وخالفنا وجهد على هلاكنا (١)!
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٣٧٥ ـ ٣٧٧ عن أبي مخنف ، والإرشاد ٢ : ٦٠ ـ ٦١ واختار في جواب ابن زياد بشأن جثمان مسلم الخبر الآخر : وأمّا جثته فإنّا لا نبالي إذا قتلناه ما يصنع بها!