وقوله : (وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً) نبات : مصدر على غير المصدر ؛ إذ القياس إنبات ، وقيل : بل هو منصوب بمضمر موافق له أيضا ، تقديره : فتنبت نباتا حسنا ، قاله ابن الأنباريّ.
وقيل : كانت تنبت في اليوم كما ينبت المولود في العام.
وقيل : تنبت في الصلاح والعفّة والطاعة.
وقال القرطبي : (وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً) أي : سوّى خلقها من غير زيادة ولا نقصان.
قوله : (وَكَفَّلَها) قرأ الكوفيون (١)(وَكَفَّلَها) ـ بتشديد العين ـ «زكريّا» ـ بالقصر ـ إلا أبا بكر ، فإنه قرأه بالمد كالباقين ، ولكنه ينصبه ، والباقون يرفعونه.
وقرأ مجاهد (٢) «فتقبّلها» بسكون اللام «ربّها» منصوبا ، «وأنبتها» ـ بكسر الباء وسكون التاء ـ وكفّلها ـ بكسر الفاء [وسكون اللام](٣) والتخفيف وقرأ أبي : «وأكفلها» ـ كأكرمها ـ فعلا ماضيا.
وقرأ عبد الله المزني «وكفلها» ـ بكسر الفاء والتّخفيف ـ.
فأما قراءة الكوفيين فإنهم عدوّا الفعل بالتضعيف إلى مفعولين ، ثانيهما زكريا ، فمن قصره ، كالأخوين وحفص ـ كان عنده مقدّر النصب ، ومن مدّ كأبي بكر عن عاصم أظهر فيه الفتحة وهكذا أقرأ به ، وأما قراءة بقية السبعة ف «كفل» مخفف عندهم ، متعد لواحد ـ وهو ضمير مريم ـ وفاعله زكريا.
قال أبو عبيدة : ضمن القيام بها ، ولا مخالفة بين القراءتين ؛ لأن الله لما كفّلها إياه كفلها ، وهو في قراءتهم ممدود ، مرفوع بالفاعلية.
وأما قراءة : «أكفلها» فإنه عدّاه بالهمزة كما عدّاه غيره بالتضعيف نحو خرّجته وأخرجته ، وكرّمته وأكرمته وهذه قراءة الكوفيين في المعنى والإعراب ؛ فإن الفاعل هو الله تعالى ، والمفعول الأول هو : ضمير مريم والثاني : هو زكريا.
أما قراءة «وكفلها» ـ بكسر الفاء ـ فإنها لغة في «كفل» يقال : كفل يكفل ـ كقتل يقتل ـ وهي الفاشية ، وكفل يكفل ـ كعلم يعلم ـ وعليها هذه القراءة ، وإعرابها كإعراب قراءة الجماعة في كون «زكريا» فاعلا.
وأما قراءة مجاهد فإنها «كفّلها» على لفظ الدعاء من أم مريم لله ـ تعالى ـ بأن يفعل لها ما سألته ربّها منصوب على النداء ، أي : فتقبّلها يا ربّها ، وأنبتها وكفّلها يا ربّها ،
__________________
(١) انظر : السعة ٢٠٤ ، والكشف ١ / ٣٤١ ، والحجة ٣ / ٣٣ ـ ٣٤ ، وحجة القراءات ١٦١ ، وإعراب القراءات ١ / ١١١ ، والعنوان ٧٩ ، وشرح شعلة ٣١١ ، ٣١٢ ، وشرح الطيبة ١٥٢ ـ ١٥٤ ، وإتحاف ١ / ٤٧٥ ـ ٤٧٦.
(٢) انظر : الكشاف ١ / ٣٥٨ ، والمحرر الوجيز ١ / ٤٢٦ ، والبحر المحيط ٢ / ٤٦٠ والدر المصون ٢ / ٧٦ ، والقرطبي ٤ / ٤٦.
(٣) سقط في أ.