والتخفيف مسوّغ لذلك ، بخلاف التشديد ، فإنه لا بدّ من تقدير مفعول. وأيضا فهو أوفق ل «تدرسون». والقراءتان متواترتان ، فلا ينبغي ترجيح إحداهما على الأخرى.
وقرأ الحسن ومجاهد (١) «تعلّمون» ـ بفتح التاء والعين ، واللام مشددة ـ من تعلم ، والأصل تتعلمون ـ بتاءين ـ فحذفت إحداهما.
قوله : (وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) كالذي قبله ، والعامة (٢) على «تدرسون» ـ بفتح التاء ، وضم الراء ـ من الدرس ، وهو مناسب «تعلمون» من علم ـ ثلاثيا.
قال بعضهم (٣) : كان حق من يقرأ «تعلّمون» ـ بالتشديد ـ أن يقرأ «تدرّسون» ـ بالتشديد وليس بلازم ؛ إذ المعنى : صرتم تعلّمون غيركم ، ثم تدرّسون ، وبما كنتم تدرسون عليهم ـ أي : تتلونه عليهم ، كقوله : (لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ) [الإسراء : ١٠٦].
قال أبو حيوة ـ في إحدى الرواتين عنه ـ «تدرسون» ـ بكسر الراء ـ وهي لغة ضعيفة ، يقال : درس العلم يدرسه ـ بكسر العين في المضارع ـ وهما لغتان في مضارع «درس» وقرأ هو ـ أيضا ـ في رواية «تدرّسون» من درّس ـ بالتشديد (٤) ـ وفيه وجهان :
أحدهما : أن يكون التضعيف فيه للتكثير موافقا لقراءة «تعلمون» بالتخفيف.
الثاني : أن التضعيف للتعدية ، ويكون المفعولان محذوفين ؛ لغهم المعنى ، والتقدير : تدرّسون غيركم العلم ، أي : تحملونهم على الدرس. وقرىء «تدرسون» من أدرس ـ كيكرمون من أكرم ـ على أن أفعل بمعنى فعل (٥) ـ بالتشديد ـ فأدرس ودرّس واحد كأكرم وكرّم ، وأنزل ونزّل.
والدرس : التكرار والإدمان على الشيء. ومنه : درس زيد الكتاب والقرآن ، يدرسه ويدرسه ، أي : كرر عليه ، ويقال درست الكتاب ، أي : تناولت أثره بالحفظ ، ولما كان ذلك بمداومة القرآن عبر عن إدامة القرآن بالدرس. ودرس المنزل : ذهب أثره ، وطلل عاف ودارس بمعنى.
قوله : (وَلا يَأْمُرَكُمْ) قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة بنصب «يأمركم» والباقون بالرفع (٦) وأبو عمرو على أصله من جواز تسكين الراء والاختلاس ، وهي قراءة واضحة ،
__________________
(١) انظر : السابق.
(٢) ونسبها في الشواذ ٢١ إلى سعيد بن جبير.
وانظر : المحرر الوجيز ١ / ٤٦٣ ، والبحر المحيط ٢ / ٥٣٠ ، والدر المصون ٢ / ١٤٨.
(٣) وهي قراءة أبي حيوة.
انظر : المحرر الوجيز ١ / ٤٦٣ ، والبحر المحيط ٢ / ٥٣٠ ، والدر المصون ٢ / ١٤٨.
(٤) انظر : السابق.
(٥) قرأ بها أبو حيوة كما نسبها إليه القرطبي ٤ / ٧٩.
(٦) انظر : السبعة ٢١٣ ، والكشف ١ / ٣٥٠ ، والحجة ٣ / ٥٧ ، وحجة القراءات ١٦٨ ، والعنوان ٨٠ ، ـ