أحدهما : أنه من آل يئول أولا ، ومآلا ، أي : عاد ، ورجع ، وآل الرجل من هذا ـ عند بعضهم إلا أنهم يرجعون إليه في مهمّاتهم ويقولون (١) : أولت الشيء : أي : صرفته لوجه لائق به فانصرف ، قال الشاعر : [السريع]
١٣٢٦ ـ أؤوّل الحكم على وجهه |
|
ليس قضائي بالهوى الجائر (٢) |
وقال بعضهم : أوّلت الشيء ، فتأول ، فجعل مطاوعه تفعل ، وعلى الأول مطاوعه فعل ، وأنشد الأعشى : [الطويل]
١٣٢٧ ـ على أنّها كانت تأوّل حبّها |
|
تأوّل ربعيّ السّقاب فأصحبا (٣) |
أي : يعني أن حبها كان صغيرا ، قليلا ، فآل إلى العظم كما يئول السّقب إلى الكبر ، ثم قد يطلق على العاقبة ، والمردّ ؛ لأنّ الأمر يصير إليهما.
الثاني : أنه مشتق من الإيالة ، وهي السياسة ، تقول العرب : قد ألنا وإيل علينا (٤) ، أي : سسنا وساسنا غيرنا ، وكأن المؤوّل للكلام سايسه ، والقادر عليه ، وواضعه موضعه ، نقل ذلك عن النضر بن شميل.
وفرق الناس بين التفسير والتأويل في الاصطلاح بأن التفسير مقتصر (٥) به على ما لا يعلم إلّا بالتوقيف كأسباب النزول ، ومدلولات الألفاظ ، وليس للرأي فيه مدخل ، والتأويل يجوز لمن حصلت عنده صفة أهل العلم ، وأدوات يقدر أن يتكلم بها إذا رجع بها إلى أصول وقواعد.
فصل
روى ابن عباس : أن رهطا من اليهود منهم حييّ بن أخطب ، وكعب بن الأشرف ونظراؤهما أتوا النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال له حييّ : بلغنا أنه نزل عليك الم ، فننشدك الله ، أنزل عليك؟ قال : نعم ، قال : فإن كان ذلك حقا فأنا أعلم مدّة ملك أمتك ، هي إحدى وسبعون سنة فهل أنزل غيرها؟ قال : نعم ، المص ، قال : هذه أكثر ، هي مائة (٦) وإحدى وثلاثون سنة ، فهل أنزل غيرها؟ قال : نعم ، المر ، قال : هذه أكثر ، هي مائتان وإحدى وسبعون سنة ، وقد خلّطت علينا ، فلا ندري أبكثيره نأخذ ، أم بقليله ونحن ممن لا يؤمن
__________________
(١) في ب : ويقال.
(٢) تقدم برقم ٧٤٠.
(٣) ينظر : البيت في ديوانه ٢١ ، اللسان (ربع) ، ومجاز القرآن ١ / ٨٦ ، التاج ٧ / ١٥ ، ومقاييس اللغة ١ / ١٦٢ ، والدر المصون ٢ / ١٥.
(٤) ينظر مجمع الأمثال ٢ / ٤٩٦ (٢٨٨٢) لسان العرب ١ / ١٧٣.
(٥) في ب : يقتصر.
(٦) في ب : مائتان.